اغتنمت العازفة الصينية جو تشاو، المتخصصة في آلة «البيبا»، زيارتها إلى السعودية للمشاركة في فعاليات العام الثقافي السعودي – الصيني بلقاء الفنان عبادي الجوهر أحد أبرز رموز العزف على آلة العود في العالم العربي.
وقالت «تشاو» في تصريحات إعلامية «بعد مشاركتي في عرض موسيقي بالمتحف الوطني بالرياض 28 سبتمبر، قررت استثمار الأيام المتبقية قبل عودتي إلى الصين بزيارة الجوهر في جدة، وتواصلت مع وكيل أعماله ورئيس رابطة محبيه لترتيب اللقاء، وتم الأمر في اليوم التالي»، واصفة أخطبوط العود بالجبل الشامخ من الموسيقى.
وأضافت العازفة الصينية «كنت أتابع موسيقى عبادي الجوهرمنذ سنوات، وكتبت بحثين أكاديميين عن فنه في العزف على العود، لكن رؤيته يعزف أمامي غيّرت مفهومي عن الأداء الموسيقي الراقي، وأدهشني بقدرته على المزج بين القوة والهدوء في العزف، فالكثير من الموسيقيين قادرون على أداء التقنيات المعقدة، لكن عبادي يمتلك سلاسة نادرة وانسجامًا طبيعيًا يجعل موسيقاه تنبض بالحياة»، مؤكدة بأن أكثر ما لفتها هو سعة معرفة (أبو سارة) بالمقامات والموسيقى العربية، حيث شرح لها أصول بعض المقامات ومعانيها اللغوية، ما يعكس ثقافة موسيقية واسعة وتجربة متعمقة.
وروت «تشاو» لحظة أدهشتها أثناء اللقاء «عزف خلالها عبادي مقطعًا من سيمفونية موزارت رقم 40 على آلة العود بسلاسة مذهلة، وهو أمر في غاية الصعوبة مقارنة بالعزف على البيانو». وتشير إلى أنه ما زال يتدرب يوميًا رغم مسيرته الطويلة، قائلة: «هذا التفصيل يعني الكثير لأي موسيقي محترف، فالمحافظة على مرونة الأصابع بعد سن الثلاثين تتطلب انضباطًا وجهدًا كبيرًا».
وأشارت إلى أن عبادي كان يصغي باهتمام إلى عزفها ثم يوجّهها بدقة إلى النغمة أو الإيقاع الذي أخطأت فيه، كما نبهها إلى تفاصيل دقيقة مثل مقام البيات بربع التون وثبات اليد اليسرى، وعلّمني مقطوعته (تِبِيه) نغمةً بنغمة، كما أهداني آلة عود خاصة به، ومعها مجموعة من ريش العزف وزيت العود، وقال لي: «تمرّني عشر ساعات يوميًا وسأرسل لك مقاطع تدريب». كانت كلماته حافزًا كبيرًا، وجعلتني أرى فيه فنانًا حقيقيًا يؤمن بمسؤوليته تجاه الجيل الجديد. وترى جو تشاو أن عبادي الجوهر يمثل نموذجًا للفنان الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وأضافت «بعد عودتي إلى الصين، سجلت نسخة من مقطوعته (قالوا ترى) على آلة البيبا، إهداءً إلى هذه التجربة الفريدة، وإلى عام الثقافة السعودي – الصيني الذي جمع بيننا».