فيما تستمر المجازر وحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، زعم جيش الاحتلال أن أوامر الإخلاء هدفها إبعاد المدنيين عن الأذى، إلا أنها في الحقيقة تعني لسكان القطاع المنكوب البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، نزوحاً جديداً ومأساة متكررة خصوصاً للنساء والأطفال وكبار السن. صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، حللت المئات من أوامر الإخلاء بما فيها 30 أمراً صدر منذ أن خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس في مارس الماضي. وأكدت أن إسرائيل ومن خلال تلك الأوامر ابتلعت غزة، لتترك مساحة أقل فأقل للفلسطينيين بعدما منحت الضوء الأخضر لجيشها لاحتلال القطاع بأكمله.
وأفادت بأنه قبل الحرب كانت غزة من بين أكثر مناطق العالم كثافة سكانية. وأصبح الآن أكثر من أربعة أخماس القطاع مشمولاً بمناطق عسكرية إسرائيلية وأوامر إخلاء. لكن إسرائيل لم تنتهِ بعد، فقد أعلنت حكومة نتنياهو أنها تريد حصر جميع السكان في زاوية صغيرة من جنوب غزة على طول الحدود مع مصر، مع منعهم من دخول بقية القطاع.
وحذّر مراقبون من أن إجبار سكان غزة على التوجه جنوبًا إلى أرض صحراوية قاحلة بلا مياه جارية أو كهرباء أو حتى مستشفيات يُعدّ تطهيرًا عرقيًا، في حين يتخوف الفلسطينيون أن يكون ذلك مقدمة لطردهم من القطاع تمامًا.
وكان وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، قال «في غضون بضعة أشهر… ستُدمر غزة.. سيتم تركيز السكان في الجنوب».
ومنذ 18 مارس، أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء ووسّعت المنطقة العازلة العسكرية من 300 متر إلى كيلومتر واحد والمناطق «الآمنة» المتبقية لا تمثل سوى 20% من مساحة غزة الأصلية.
والمنطقة المتبقية للفلسطينيين حاليا في رفح الحدودية، التي كانت مزدهرة في السابق تحولت إلى أنقاض، وباتت الأرض الرملية المحيطة بها جرداء خالية من الأشجار ولا توجد بها مياه عذبة أو كهرباء.
في غضون ذلك، حذر تقرير إسرائيلي من أن حكومة نتنياهو تنوي ضم الضفة الغربية المحتلة، مؤكداً أن الخطة من شأنها تهديد الاستقرار الإقليمي وإضعاف آفاق السلام، بحسب ما أوردت صحيفة «هآرتس».
ووفق التقرير، فإن نتنياهو يعمل بهدوء، مسرّعاً عملية ضم الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، لافتاً إلى أن هذه الجهود قديمة ويعود تاريخها إلى ما قبل السابع من أكتوبر، في إشارة إلى هجوم حماس على إسرائيل، والحرب على قطاع غزة. ولفتت إلى أن تلك الجهود بدأت تتبلور بالتزامن مع خطوات معينة، مثل الإعلان عن بناء 22 مستوطنة جديدة، والسعي إلى إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية المعزولة التي تُعتبر غير قانونية حتى بموجب القانون الإسرائيلي، وتوسيع الطرق التي تخترق الضفة الغربية وترسّخ السيطرة الإسرائيلية.