في واحدة من أكبر الجرائم السيبرانية في التاريخ، شهدت بورصة العملات الرقمية «بايبيت» اختراقًا هائلاً في 21 فبراير 2025، أدى إلى سرقة ما يقرب من 1.5 مليار دولار من الأصول الرقمية.
وبحسب وكالة «رويترز»، كشف تقرير صادر عن شركة «تشيناليسيس» الأمريكية لتحليل البلوكتشين تورط مجموعة «لازاروس» المدعومة من كوريا الشمالية في هذا الهجوم، مما يعكس تصاعد قدرات بيونغ يانغ السيبرانية وتهديداتها للأمن الرقمي العالمي.
شكّل هذا الاختراق، الذي استهدف مقر «بايبيت» في دبي، ما يقرب من 70% من إجمالي الأصول الرقمية المسروقة عالميًا خلال النصف الأول من عام 2025، مما كشف ثغرات أمنية خطيرة في النظام الرقمي الآسيوي.
ووفقًا لتقرير «تشيناليسيس»، تسببت هجمات كوريا الشمالية في خسائر بلغت 1.34 مليار دولار عبر 47 حادثة في عام 2024، لكن هجوم «بايبيت» وحده تجاوز هذا الرقم، مسجلاً أعلى سرقة رقمية على الإطلاق، ويثير هذا الحادث قلقًا ليس فقط بسبب حجمه، بل بسبب المستوى العالي من التطور التقني ودلائل تورط الدولة.
وحذّر خبراء من أن الأموال المسروقة تُستخدم لتمويل برامج الأسلحة والصواريخ الكورية الشمالية، مما يشكل تهديدًا للأمن الدولي.
أشار ديديريك فان ويرش، المدير الإقليمي لدى «تشيناليسيس»، إلى أن مجموعة «لازاروس» تستخدم تقنيات متطورة مثل الهندسة الاجتماعية واختراق موظفي تكنولوجيا المعلومات للوصول إلى الأنظمة الحساسة، مع استخدام أساليب غسيل أموال معقدة لإخفاء مسار الأصول المسروقة.
وتُعد منطقة جنوب شرق آسيا، خاصة كمبوديا وميانمار ولاوس، مركزًا عالميًا للجرائم السيبرانية بسبب ضعف القوانين وسيطرة الأنظمة الاستبدادية.
وعلى الرغم من العقوبات الدولية وإغلاق منصات مثل «غارانتكس» الروسية و«هيون غارانتي» الكمبودية، إلا أن حجم المعاملات غير القانونية بلغ 51 مليار دولار في 2024، وفقًا لـ«تشيناليسيس»، كما يُرجح أن العقوبات الأمريكية على كوريا الشمالية دفعتها لتكثيف سرقة العملات الرقمية كمصدر تمويل بديل.
وتتفاقم المخاطر مع ارتفاع أسعار العملات الرقمية، حيث وصل سعر البيتكوين إلى أعلى مستوى له عند 123 ألف دولار في يناير 2025، مما يجعل المحافظ الرقمية عالية القيمة هدفًا مغريًا.
كما تزايدت الهجمات العنيفة المعروفة بـ«هجمات الرنش»، التي تستخدم التهديدات الجسدية لابتزاز الضحايا، كما حدث في قضية اختطاف وقتل رجل الأعمال الصيني-الفلبيني أنسون كيو.
وتُظهر الجهود المضادة بارقة أمل، حيث تتيح تقنيات تتبع معاملات البلوكتشين مراقبة الأنشطة غير القانونية في الوقت الفعلي. تعاونت «بايبيت» مع «تشيناليسيس»، وجهات أخرى لتجميد أكثر من 40 مليون دولار من الأصول المسروقة، مع إطلاق برنامج مكافآت لاسترداد المزيد.
ومع ذلك، يشدد الخبراء على ضرورة تعزيز التعاون الدولي وتطوير أنظمة مراقبة متطورة للحد من هذه التهديدات، كما يحذر الخبراء من أن الاقتصادات المتقدمة مثل كوريا الجنوبية واليابان معرضة بشكل خاص بسبب قربها من كوريا الشمالية وتوسع أسواقها الرقمية، بينما تواجه دول مثل إندونيسيا مخاطر متزايدة مع نمو التمويل الرقمي.