في تطور مثير للجدل في واحدة من أبرز السرقات الثقافية في التاريخ الحديث، أعلن المدعي العام في باريس اعتقال مشتبهين اثنين فيما يتعلق بسرقة أسطورية وقعت في متحف اللوفر يوم الأحد الماضي، حيث هرب عصابة مكونة من أربعة رجال بجواهر تاج الملوك الفرنسية تقدر قيمتها بنحو 88 مليون يورو (76 مليون جنيه إسترليني، أو حوالى 95 مليون دولار أمريكي).
سرقة القرن
ويُعتبر هذا الحدث، الذي أطلق عليه بعض الإعلام «سرقة القرن»، ضربة قوية لصورة فرنسا الثقافية، إذ استغل اللصوص ثغرات أمنية في أكثر المتاحف زيارة في العالم، الذي يستقبل أكثر من 8.7 ملايين زائر سنوياً.
ووفقاً لصحيفة «لوباريزيان» الفرنسية، التي استندت إلى مصادر شرطية، تم القبض على المشتبه بهما – وكلاهما في الثلاثينيات من العمر ويقيمان في إقليم سين سان ديني خارج العاصمة الفرنسية – مساء السبت الماضي، كجزء من تحقيق يديره فريق مكافحة الجريمة المنظمة في باريس.
القبض على سارقي جوافر اللوفر
وأُلقي القبض على أحدهما حوالى الساعة الـ10:00 مساءً (8 مساءً بتوقيت غرينتش) في مطار شارل ديغول بباريس، وهو على وشك الصعود إلى طائرة متجهة إلى الخارج، كما أفادت وسائل إعلام فرنسية مثل «لوباريزيان» و«باري ماتش».
ويُعتقد أن الاثنين جزء من العصابة الأصلية، وتم التحقيق معهما لتحديد دورهما في التخطيط أو التنفيذ، مع التركيز على روابط محتملة بعصابات الجريمة المنظمة في ضواحي باريس.
بدأت العملية الساعة 9:30 صباحاً، أثناء ساعات العمل الرسمية للمتحف، إذ وصل اللصوص في شاحنة نقل أثاث مسروقة مجهزة بسلم هيدروليكي ورفعة، متخفين كعمال بناء يرتدون سترات عاكسة للضوء.
وصعد اثنان منهم إلى الطابق الأول في معرض أبولو (Galerie d’Apollon)، الذي بني في القرن السابع عشر على أمر لويس الرابع عشر، ويضم مجموعة نادرة من جواهر التاج الفرنسي التاريخية، بما في ذلك تاج لويس الخامس عشر وأحجار الماس الشهيرة مثل «رجنت» و«سانسي» و«هورتنسيا».
وكسروا نافذة غير محمية باستخدام قاطع أقراص، ثم استخدموا أدوات كهربائية لفتح حاويتي عرض، سرقوا ثمانية قطع جواهر تاريخية تعود إلى عصر نابليون، تشمل عقداً وأقراطاً وتيجاناً من مجموعات ماري لويز، ماري أميلي، هورتنز، ويوجيني (زوجة نابليون الثالث)، مزينة بآلاف الألماس والياقوت والزمرد.
وانسحبوا في غضون أقل من 8 دقائق عبر الرفعة، وفرّوا على دراجات نارية قادها الاثنان الآخران، تاركين وراءهم تاج الإمبراطورة يوجيني الذهبي المرصّع بـ1,300 ماسة، الذي سقط أثناء الهروب وتم استرداده مكسوراً خارج المتحف.
أمن المتاحف الفرنسية
يأتي هذا الحدث في سياق مخاوف متزايدة بشأن أمن المتاحف الفرنسية، إذ أجرت اللوفر مراجعة أمنية قبل أشهر قليلة كشفت ثغرات، لكن تنفيذ التوصيات كان بطيئاً بسبب تقليص الطاقم الأمني، كما أفادت نقابات العمال.
المتحف، الذي يُعد رمزاً للتراث الفرنسي، شهد سرقات سابقة مثل سرقة «موناليزا» عام 1911، لكنه لم يتعرض لهجوم بهذا الجرأة منذ عقود.
إغلاق متحف اللوفر 3 أيام
وأدت الحادثة إلى إغلاق المتحف لثلاثة أيام، وإجلاء الزوار، مع إغلاق معرض أبولو مؤقتاً. أضاف الإنتربول الجواهر إلى قاعدة بيانات الأعمال المسروقة في 20 أكتوبر، وأمر وزير الداخلية لوران نونيز بفريق تحقيقي يضم 60 محققاً، مشيراً إلى أن العصابة «متمرسة».
كما أثار الحدث جدلاً سياسياً حول تعزيز الأمن في المواقع الثقافية، مع تحذيرات من أن اللصوص قد يذيبون الجواهر لإخفاء أثرها، وفقاً لخبراء سابقين في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.



