يعكس النمو الاقتصادي للمملكة الذي تحقق العام الماضي، وتجاوز معه التقديرات الأولية، منعة الاقتصاد الوطني وقدرته على تجاوز التحديات، بفعل اهتمام ملكي مستمر، وإجراءات وقرارات اتخذتها الحكومة منذ تشكيلها داعمة لبيئة الأعمال.
وسجّل الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأخير من 2024 ارتفاعاً بنسبة 2.7 المئة مقارنة مع الفترة نفسها من 2023، متجاوزاً النسبة المقدّرة لنفس الفترة والبالغة 2.5 المئة.
يذكر أن النمو لكامل الناتج المحلي الإجمالي للعام الماضي بلغ 2.5 بالمئة، مقارنة مع التوقعات الأولية للنمو والبالغة 2.3 بالمئة.
وأكد معنيون بالشأن الاقتصادي أن النمو الذي حققته المملكة في الربع الأخير من العام الماضي، يشكل مؤشرًا إيجابيًا ويعكس فعالية السياسات الاقتصادية المتبعة، وقدرة الاقتصاد الوطني على التكيف مع تحديات المنطقة.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن هذا الأداء يعكس تحسنًا ملموسًا في النشاط الاقتصادي، لاسيما في القطاعات الإنتاجية، مشددين على ضرورة البناء على هذا الزخم الإيجابي من خلال استراتيجيات واضحة ومستقرة تعزز من استدامة النمو وتوسّع من فرص الاستثمار.
وأضافوا “ما يدعو للتفاؤل أن هذا النمو تجاوز التقديرات الأولية البالغة 2.5 بالمئة، ما يشير إلى تحسن الأداء الكلي وفعالية السياسات الاقتصادية المتخذة”، داعين الحكومة لمواصلة نهجها الاقتصادي لضمان تعزيز الاستقرار المالي ودعم بيئة الأعمال.
وأكد رئيس جمعية المصدرين الأردنيين العين أحمد الخضري، أن النمو المتحقق يعكس قدرة الاقتصاد الوطني على التكيف والنمو رغم التحديات الإقليمية والمتغيرات الجيوسياسية، موضحا أنه جاء متجاوزا التوقعات الأولية، ما يعكس الجهود المبذولة من الحكومة والقطاع الخاص في مواجهة الصعوبات.
وقال إن “هذا التحسن في الناتج المحلي الإجمالي يعكس القوة والمرونة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني بفضل السياسات الاقتصادية الحكيمة والإصلاحات التي نفذتها الحكومة منذ تشكيلها، كما أن التعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص كان له دور كبير في تحويل التحديات إلى فرص ساهمت في دفع عجلة النمو”.
وأضاف أن القطاعات الاقتصادية الرئيسية أظهرت معدلات نمو متميزة، حيث سجل قطاع الزراعة نموا بنسبة 8.4 بالمئة، وقطاع الصناعات التحويلية 4.9 بالمئة ما يدل على تطور القطاعات الإنتاجية في مواجهة الصعوبات.
وأشار إلى أن قطاع الصناعات التحويلية تصدّر مساهمة القطاعات في النمو خلال الربع الرابع، حيث ساهم بمقدار 0.9 نقطة مئوية، متبوعًا بقطاع الزراعة بنحو 0.53 نقطة مئوية.
وبين أن القطاعات الخدمية أيضا أظهرت أداء جيدًا، حيث سجل قطاع النقل والتخزين والاتصالات نموا بنسبة 3.7 بالمئة ما يعكس تحسنًا ملحوظا في البنية التحتية والخدمات اللوجستية، وهو أمر حيوي لتوسيع التجارة والتصدير.
وأشار إلى المتابعات والجهود المستمرة التي يبذلها جلالة الملك عبد الله الثاني، في دعم الشأن الاقتصادي، ولقاءات جلالته المستمرة مع مختلف القطاعات الاقتصادية التي شكلت حافزا قويا لزيادة الإنتاج والتوسع بالاستثمارات.
وقال العين الخضري، إن توجيهات جلالة الملك ومتابعته الحثيثة للأوضاع الاقتصادية كان لها دور بارز في تحفيز جميع الأطراف المعنية للعمل بجدية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز التنافسية.
وأوضح أن الإجراءات والقرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة منذ تشكيلها ساعدت في توفير دعائم قوية للاقتصاد الوطني، وأسهمت في تنشيط العديد من المجالات الاقتصادية، ما انعكس بشكل إيجابي على الإنتاجية والنمو، خاصة في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعات التحويلية، فضلاً عن دعم القطاعات الخدمية التي شهدت تحسنا كبيرا.
وأشار إلى أهمية رؤية التحديث الاقتصادي التي تمثل خطوة استراتيجية هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة، حيث تركز على تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وزيادة الإنتاجية من خلال دعم الابتكار والتكنولوجيا، إضافة إلى جذب الاستثمارات وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ما يعزز من مكانة الأردن في الاقتصاد العالمي.
وشدد على أهمية استمرار التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتسريع وتيرة الإصلاحات وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني على المستويين الإقليمي والدولي.
من جانبه، أشار عضو مجلس إدارة غرفة صناعة عمان المهندس موسى الساكت، إلى أن الاقتصاد الوطني سجل نمواً بنسبة 2.7 بالمئة في الربع الأخير من عام 2024، وهو الأعلى مقارنة بمعدلات النمو في الأرباع الثلاثة الأولى من العام نفسه، والتي تراوحت بين 2.3 و2.6 بالمئة.
وقال إن هذا الأداء يعكس تحسناً ملموساً في النشاط الاقتصادي، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والتغيرات الجيوسياسية التي أثرت على مختلف القطاعات الإنتاجية، مؤكداً أن هذا الارتفاع في النمو يعكس مرونة الاقتصاد الوطني وقدرته على التكيف مع الظروف المتغيرة.
وأضاف أن تحقيق هذا النمو يعود إلى الأداء الإيجابي لعدد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية التي تجاوزت التوقعات الأولية، والتي كانت تشير إلى نمو لا يتجاوز 2.5 بالمئة، ما يعزز الثقة في قدرة الاقتصاد الأردني على مواصلة التعافي وتحقيق نتائج أفضل.
وأكد أهمية البناء على هذا الأداء الإيجابي من خلال الاستمرار في تنفيذ إجراءات تصحيحية واقتصادية فاعلة خلال العام الحالي، لتفادي أي تراجع محتمل في معدلات النمو، ولتعزيز بيئة الاستثمار وتحفيز القطاعات الإنتاجية المختلفة.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عدلي قندح، إنه في ظل التحديات الإقليمية والظروف الجيوسياسية غير المواتية، يعكس تحقيق الاقتصاد الوطني لنمو حقيقي بنسبة 2.7 بالمئة في الربع الرابع من عام 2024 صورة مشرقة لقوة وصلابة هذا الاقتصاد وقدرته على التكيف مع المتغيرات.
وأضاف، أن ما يدعو للتفاؤل أن هذا النمو تجاوز التقديرات الأولية البالغة 2.5 بالمئة، ما يشير إلى تحسن الأداء الكلي وفعالية السياسات الاقتصادية المتخذة.
وبين أن القطاعات السلعية وعلى رأسها الزراعة 8.4 بالمئة والصناعات التحويلية 4.9 بالمئة شكلت محركاً أساسياً لهذا النمو، ما يعكس عودة النشاط إلى القطاعات الإنتاجية الحقيقية ويعد الأساس لأي نمو مستدام، إضافة إلى أن الأداء الجيد لقطاع الكهرباء والمياه 4.2 بالمئة يعكس استمرار التوسع في البنية التحتية الحيوية.
ولفت إلى أن مساهمة القطاع الخاص عبر تفعيل الشراكات الحقيقية مع الحكومة ساهمت في تعظيم فرص الاستثمار وزيادة الإنتاجية، ما أدى إلى تحقيق نمو إيجابي، مبينا أنه لا يمكن إغفال أهمية الدور الاستباقي للسياسات المالية والنقدية في تحقيق هذا الأداء.
وأوضح قندح، أن توزيع مساهمة القطاعات يظهر توازناً جيداً بين القطاعات السلعية والخدمية، مع تفوق طفيف للقطاعات الإنتاجية، ما يمثل تحولاً إيجابياً نحو اقتصاد منتج قائم على القيمة المضافة وليس فقط الاستهلاك أو الخدمات.
وشدد على ضرورة المحافظة على هذا الزخم من خلال مواصلة دعم القطاعات الإنتاجية بتوسيع الحوافز والتمويل الميسر وتعميق الشراكات مع القطاع الخاص عبر مشاريع استراتيجية ومشاريع استثمارية ذات عائد مجتمعي والتركيز على الأمن الغذائي والمائي والطاقة، لاسيما في ظل تداعيات الأزمات الإقليمية، إضافة إلى مضاعفة الجهود لتحقيق معدلات نمو أعلى هذه السنة لتنعكس بشكل مباشر وواضح على مستوى المعيشة للمواطنين.
وأشار الى أن الأرقام الإيجابية تعكس اقتصاداً يتحرك بثقة وان كان ببطء نحو التعافي المستدام والنمو المتوازن، ما يبرهن على قدرة الأردن على مواجهة الصدمات وتحويل التحديات إلى فرص، وهي رسالة أمل وتفاؤل على نهوض الوطن.
بدوره، بين عضو مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي الأردني، محمد القريوتي، أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من 2024 بنسبة 2.7 بالمئة وتحقيق لنمو لكامل عام 2024 بواقع 2.5 بالمئة، يعطي مؤشرا مبشرا للنمو بالذات عند التمعن في القطاعات الاقتصادية التي ساعدت في تحقق هذا النمو، أي أن عجلة الانتاج اثبت قدرتها على النمو وتنمية القطاعات المزودة و المساندة والمصاحبة لها.
وتابع، أنه عندما تتحرك العملية الإنتاجية وتجد اسواقا لها وفرص لتسويق منتجاتها والاستفادة من البرامج التي ترسخ لخدمتها ستظهر هذه النتائج المبشرة، مؤكدا أن الصناعات على اختلاف أنواعها لعبت دورا كبيرا في ترسيخ هذا النمو لأنها تراكمية ولا تحتكم إلى الموسمية أو العرض والطلب ضمن منظوره الضيق.
وأكد أن المنتجات الأردنية في حال دخولها الى الأسواق بشكل اكبر سواء محليا او خارجيا وأثبات جودتها، سيعزز الطلب عليها وهذا ايضا يساعد الانتاج في التحكم بالمصاريف الثابتة والمتغيرة ويحقق وفرا بهذا المصروف في حال زاد الانتاج وزاد تسويقه.
وقال القريوتي، إن الماكينة الإنتاجية لا تتحرك لوحدها فالقطاعات الاخرى تساندها بشكل كبير مثل القطاع التجاري الذي يوفر الجانب المهم في الأسواق والقطاع الخدمي والقطاع التكنولوجي وقطاع الاتصالات والقطاعات الاخرى على حد سواء، مشيرا إلى أن هذه النتائج الايجابية جاءت نتيجة لتوسع الإنتاج وانتشار أسواقه وموثوقية المنتج المحلي والتركيز على الانتاج المحلي كأولوية.
ولفت إلى الأهمية في التصدير للمواد الخام المحملة بقيمة مضافة عليها، ما يرسخ وجودها في الأسواق الخارجية، مؤكدا أنه أصبحنا نرى هذا بشكل جيد في صناعاتنا الاستخراجية والتحويلية وأن قطاعات أخرى أيضا لعبت دورا مهما في هذا النمو لأنها منظومة اقتصادية متكاملة فالقطاعات تتحرك بنمو مضطرد في حال كانت حركتها ونموها تراكميا.
من ناحيته، أكد مدير عام جمعية البنوك في الأردن الدكتور ماهر المحروق، أن النمو الاقتصادي المتحقق في الفترة الأخيرة يُعد مؤشرا إيجابيا للغاية وأنه يعكس بشكل واضح النتائج المباشرة للإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة خلال الربع الأخير من العام الماضي.
وقال إن تلك الإجراءات أسهمت بشكل ملموس في تحفيز الاقتصاد وتحريك عجلة النمو، مبينا أهمية الاستمرار في هذا النهج لضمان تعزيز الاستقرار المالي ودعم بيئة الأعمال.
وأشار إلى أن القطاع المصرفي يواكب هذه التطورات من خلال تقديم التمويل اللازم للقطاعات الإنتاجية ودعم المشاريع التي تسهم في خلق فرص العمل وتعزيز النشاط الاقتصادي.
وشدد المحروق على ضرورة البناء على هذا الزخم الإيجابي عبر سياسات اقتصادية واضحة ومستقرة تضمن استدامة النمو وتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي التي تنتهجها المملكة.
مصدر الخبر: اقتصاديون: نمو الاقتصاد الوطني يعكس تعافيا متزايدا وفعالية السياسات الحكومية .