يُعقد مجلس الوزراء اللبناني، (الثلاثاء القادم)، في القصر الجمهوري، برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام؛ لبحث بندين أساسيين هما: تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، ومناقشة الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر نوفمبر 2024.
وتأتي الجلسة في ظل أجواء سياسية حساسة، إذ لا تزال قضية بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وتحديداً موضوع السلاح غير الشرعي، محط جدل واسع بين القوى السياسية.
وفي هذا السياق، يثار السؤال الأبرز: هل سيشارك وزراء حركة أمل وحزب الله في الجلسة، خصوصاً أن البنود المدرجة تتصل بشكل مباشر بمواقفهم السياسية وموقفهم من السلاح؟ يشغل وزراء حركة أمل وحزب الله عدة حقائب وزارية رئيسة في الحكومة الحالية، منها وزارتا المالية والصحة العامة، إلى جانب وزارات أخرى. وتعتبر مشاركتهم في جلسات مجلس الوزراء أمراً حيوياً لضمان وجود التوازن السياسي داخل الحكومة وقدرتها على اتخاذ قرارات فعالة. لذا، فإن غيابهم عن هذه الجلسة قد يؤثر على قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات حاسمة بخصوص تنفيذ البيان الوزاري في شقه المتعلق بسيادة الدولة.
وتثير احتمالية عدم مشاركتهم العديد من التساؤلات التي تستحق التوقف عندها: هل عدم المشاركة مؤشر على تصعيد سياسي قادم، أم أنه محاولة للضغط على الحكومة لإحالتها إلى مربع كسب الوقت؟ ماذا عن مصداقية الحكومة أمام المجتمع الدولي، خصوصاً في ظل الضغوط الأمريكية؟ هل هناك استعدادات داخلية لتجاوز أي انسحابات محتملة من الجلسة؟ وما السيناريوهات المحتملة في حال حضروا دون التوصل إلى توافق داخلي؟ إضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل تأثير هذه الجلسة على الوضع الداخلي اللبناني، خصوصاً على الصعيدين الأمني والاقتصادي. فاستكمال تنفيذ البيان الوزاري بما يخص السيادة هو عامل أساسي لاستقرار لبنان، لما له من انعكاسات على الأمن الوطني وتعزيز دور الدولة ومؤسساتها.
وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي مطلع لـ«عكاظ»: في حال غياب وزراء الثنائي الشيعي عن الجلسة، قد تجد الحكومة نفسها أمام تحديات كبيرة في اتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بموضوع سلاح حزب الله. وأضاف أن هذا الغياب قد يُضعف موقف الحكومة داخلياً وخارجياً، خصوصاً في ظل الضغوط الأمريكية.
من جهة أخرى، قد يعتبر هذا الغياب بمثابة رسالة من القوى السياسية المعنية بعدم استعدادها لتقديم تنازلات بشأن هذا الموضوع.
ولفت المصدر إلى أن هذا الموقف قد يفاقم حالة الانقسام السياسي داخل الحكومة، ويؤدي إلى تعطيل عملها في ملفات أخرى، ما ينعكس سلباً على الأداء الحكومي العام ويزيد من إرباك المشهد اللبناني في وقت يزداد فيه الضغط الشعبي والاقتصادي على المؤسسات.
وحسب المصدر، فإن عدم المشاركة في الجلسة قد يحفز أطرافاً أخرى داخل الحكومة أو المعارضة على رفع سقف المطالب، أو استغلال الفراغ السياسي الناتج عن عدم التوافق، ما قد يزيد من التوترات السياسية والاجتماعية في البلاد.
في نهاية المطاف، تبرز الجلسة كاختبار حقيقي لقدرة الحكومة على إدارة خلافاتها الداخلية، وتحقيق الحد الأدنى من التوافق بشأن القضايا الوطنية الكبرى، وعلى رأسها بسط سيادة الدولة.
والتحدي ليس فقط في إطلاق البيانات، بل في الإرادة السياسية الفعلية للتنفيذ والتطبيق.