
في ظل تصاعد التحذيرات العلمية من تفاقم أزمة المناخ، يقف العالم اليوم أمام منعطف مصيري، إذ يشير أحدث التقارير إلى أن كوكب الأرض يقترب من تجاوز الحدود الحرجة للاحترار، ما ينذر بتحولات بيئية لا يمكن عكسها ما لم تُتخذ إجراءات جذرية خلال السنوات القليلة المقبلة.
فقد بلغ متوسط الاحترار العالمي في عام 2024 نحو 1.52 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، متجاوزاً الهدف الأساسي لاتفاق باريس الذي يسعى لحصر الزيادة عند 1.5 درجة مئوية، هذا التجاوز المؤقت، وإن لم يكن دائماً يُعد إنذاراً مبكراً بأن العالم يقترب من نقطة اللاعودة.
تصاعد الانبعاثات وتحديات النمو
رغم الجهود الدولية، واصلت الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة ارتفاعها، مدفوعة بالاستهلاك المتزايد للوقود الأحفوري، وسيضع هذا الواقع البشرية أمام معادلة صعبة بين النمو الاقتصادي والاستقرار المناخي، في وقت تتزايد فيه الكلفة البشرية والبيئية لتغير المناخ، من موجات حر وجفاف إلى حرائق غابات متسعة النطاق.
أزمة صحية عالمية
وكشف تقرير حديث لمجلة ذي لانسيت أن التغير المناخي يتسبب بملايين الوفيات سنوياً نتيجة موجات الحر الشديدة وتلوث الهواء والجفاف، مشيراً إلى أن تلوث الهواء الناتج عن الوقود الأحفوري تسبب بأكثر من 2.5 مليون حالة وفاة في عام 2022، فيما أودت موجات الحر بحياة نصف مليون شخص سنوياً خلال العقد الماضي.
بطء في العمل المناخي
رغم بعض التقدم الوطني، حذرت الأمم المتحدة من أن وتيرة العمل المناخي لا تزال بطيئة جداً لتحقيق أهداف اتفاق باريس، حيث أكد الأمين العام أنطونيو غوتيريش أن “الإنسانية فشلت في الحد من ارتفاع الحرارة إلى 1.5 درجة”، داعياً إلى تغيير المسار قبل مؤتمر (كوب 30) في البرازيل الشهر المقبل، مع ضرورة توفير 1.3 تريليون دولار سنوياً لدعم الدول النامية.
الدول النامية في مرمى الخطر
وتشير تقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن 90% من الوفيات المرتبطة بالكوارث المناخية وقعت في الدول النامية، التي تواجه تحديات متزايدة مثل الفيضانات والجفاف وارتفاع مستوى البحار، ما يهدد الأمن الغذائي والمائي ويؤدي إلى نزوح بيئي واسع.
سياسات متباينة للدول الكبرى
وتمثل الصين أكبر مصدر للانبعاثات، لكنها أيضاً من أبرز المستثمرين في الطاقة المتجددة، أما الولايات المتحدة فإنها تثير القلق بإعلانها مجدداً عزمها الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، في حين يسعى الاتحاد الأوروبي لخفض الانبعاثات بنسبة 90% بحلول 2040، رغم استمرار دعم بعض الدول للوقود الأحفوري.
دعوات عاجلة للتحول البيئي
رئيس المناخ في الأمم المتحدة سيمون ستيل، وصف الالتزامات الجديدة بأنها “خطوة في الاتجاه الصحيح”، مؤكداً أن الاقتصاد النظيف يمثل فرصة للنمو والوظائف، داعياً إلى إشراك النساء والشباب في مسار التحول البيئي.
في ظل هذه المعطيات، يبقى العقد الحالي الفرصة الأخيرة لإنقاذ الكوكب من الانهيار المناخي، عبر تسريع التحول نحو الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات بشكل جذري، قبل أن يصبح التغير المناخي واقعاً لا يمكن الرجوع عنه.
مصدر الخبر: العالم على حافة الانهيار المناخي .



