في خطوة غير مسبوقة، لجأت شرطة العاصمة البريطانية إلى أسلوب مبتكر لمكافحة جرائم الاحتيال، حيث ارتدى ضباط من شرطة لندن زي شخصيتي الأبطال الخارقين «باتمان» و«روبن» للقبض على محتالين متلبسين على جسر وستمنستر، في عملية وُصفت بـ«الجريئة والمبدعة»، جاءت ضمن حملة موسعة للحد من عمليات النصب التي تستهدف السياح والمارة في واحدة من أكثر المناطق ازدحاماً في العاصمة، وأثمرت عن توقيف اثنين من المشتبه بهم.
بدأت العملية عندما تلقت شرطة لندن تقارير متكررة عن أنشطة احتيالية على جسر وستمنستر، حيث يتجمع المحتالون لاستغلال السياح عبر ألعاب قمار غير قانونية أو عمليات نصب تقليدية، وبعد أن أصبح المحتالون يتعرفون على الضباط ذوي الزي الرسمي، قرر فريق من شرطة «حي لامبيث» تغيير الإستراتيجية، وارتدى ضابطان زي «باتمان» و«روبن»، بما في ذلك الأقنعة والعباءات، واندفعا وسط حشد من عشرات الأشخاص، مما تسبب في حالة من الذهول والارتباك بين المحتالين، وتمكن الضباط من القبض على اثنين منهم قبل أن يلوذ آخرون بالفرار.
وفقاً لتصريحات الشرطة، أُدين المدعو كوستيكا باربو، أحد الموقوفين، أمام محكمة كرويدون الجزئية، حيث فُرضت عليه غرامة قدرها 925 جنيهاً إسترلينياً بتهمة التجارة غير المرخصة والاحتيال، أما المشتبه به الثاني أوجين ستويكا، فقد فرّ من المملكة المتحدة بعد إطلاق سراحه بكفالة، لكنه أُدين غيابياً، وصدرت مذكرة توقيف بحقه لاستكمال إجراءات المحاكمة، وأكدت الشرطة أن هذه العملية جزء من جهود مستمرة لتطهير جسر وستمنستر، الذي وُصف بأنه «أحد أكثر الأماكن فوضوية في لندن» بسبب الأنشطة غير القانونية المزمنة، على الرغم من قربه من مقر البرلمان ومبنى سكوتلاند يارد.
تأتي الحملة، التي تضمنت هذه العملية المبتكرة، في سياق تصاعد جرائم الاحتيال في المملكة المتحدة، حيث أشارت تقارير إلى أن الاحتيال يشكل نحو 40% من إجمالي الجرائم في إنجلترا وويلز، بتكلفة اقتصادية تُقدر بـ6.8 مليار جنيه إسترليني سنوياً، وأصبح جسر وستمنستر، الذي يزدحم بالسياح الوافدين لالتقاط الصور بجانب بيغ بن ونهر التايمز، نقطة ساخنة للمحتالين الذين يستغلون انشغال الزوار، مما دفع الشرطة إلى ابتكار طرق غير تقليدية لمواجهتهم.
وتباينت ردود الفعل على العملية، فقد أشاد البعض بـ«الروح الإبداعية» للشرطة، معتبرين أن استخدام الأزياء التنكرية خطوة ذكية لتفاجئ المجرمين، فيما سخر آخرون من المشهد، متسائلين عما إذا كان «باتمان وروبن» هما الحل الأمثل لأزمة الاحتيال. وتحدث مواطنون إلى وسائل إعلام محلية عبروا عن أملهم في أن تُسهم مثل هذه العمليات في استعادة الأمان إلى المنطقة، التي تُعد رمزاً سياحياً عالمياً.
قائد شرطة لامبيث، المشرف على العملية، أوضح أن الهدف كان «كسر نمط الجريمة المتكررة» في المنطقة، مؤكداً أن الشرطة ستستمر في استخدام «كل الأدوات المتاحة» لحماية الجمهور. وأضاف أن الحملة ضد الاحتيال ستتسع لتشمل دوريات متزايدة وتعاوناً مع السلطات المحلية لتشديد الرقابة على الأنشطة غير القانونية.
هذه الواقعة تُسلط الضوء على التحديات التي تواجهها شرطة لندن في مكافحة الجرائم الصغيرة ذات التأثير الكبير على سمعة المدينة، وتبرز الحاجة إلى إستراتيجيات مبتكرة للتغلب على المجرمين الذين يتكيفون بسرعة مع الإجراءات التقليدية. وبينما يواصل «باتمان وروبن» مهمتهما غير التقليدية، تبقى لندن على موعد مع مزيد من الجهود لاستعادة الأمن في شوارعها.