أعلنت وزارة الثقافة الإيطالية اليوم، عن خطة طموحة لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة في أنظمة الأمن لأكثر من 50 متحفاً رئيسياً في البلاد، وذلك في رد سريع وغير مسبوق على الصدمة التي أحدثتها سرقة جواهر التاج الفرنسي من متحف اللوفر في باريس الأحد الماضي.
وتهدف الخطة الإيطالية التي سميت «حارس التراث الرقمي» إلى تعزيز الحماية الوقائية للقطع الأثرية الإيطالية الثمينة، مثل لوحات مايكل أنجلو في متحف الفاتيكان أو تماثيل الرومان في متحف الكابيتول، من خلال كشف السلوكيات المشبوهة قبل وقوع أي تهديد.
وجاء الإعلان مباشرة بعد الحادثة التي هزت العالم في 19 أكتوبر، حيث نجحت عصابة من أربعة لصوص متنكرين كعمال بناء في اقتحام متحف اللوفر خلال ساعات الافتتاح، مستخدمين رافعة ميكانيكية للوصول إلى الشرفة الثانية، حيث قاموا بقطع نافذة زجاجية باستخدام أدوات كهربائية وسرقة ثماني قطع من جواهر التاج الفرنسي النابليونية، بما في ذلك عقد زمردي مليء بالألماس وتاج الإمبراطورة أوجيني.
واستغرقت العملية سبع دقائق فقط، قبل أن يفر اللصوص على دراجات نارية، تاركين وراءهم أدواتهم ومحاولة إحراق شاحنتهم، في حين أغلق اللوفر أبوابه ليومين كاملين، وأطلقت السلطات الفرنسية تحقيقاً في «سرقة منظمة» بقيمة غير قابلة للتقدير، ما أثار انتقادات حادة لنقص الاستثمار في الأمن، حيث انخفض عدد حراس اللوفر إلى 856 في 2023 من 994 في 2014، رغم زيادة الزوار إلى 8.7 مليون سنوياً.
وأكد وزير الثقافة الإيطالي جنارو سانجيليمني في مؤتمر صحفي: «سرقة اللوفر ليست مجرد حادثة فرنسية؛ إنها إنذار عالمي لكل من يحرس تاريخ البشرية» مؤكدا أن إيطاليا، موطن أكثر من 60 ألف موقع تراثي، لن تنتظر حتى يتكرر الكابوس وأنها سوف تستخدم الذكاء الاصطناعي ليكون «عيوننا وآذاننا»، محولين المتاحف إلى حصون ذكية.
وستمول الخطة التي أعلنت عنها السلطات الإيطالية بـ 150 مليون يورو من ميزانية الاتحاد الأوروبي وصندوق التعافي الوطني، ستشمل تركيب كاميرات ذكية مدعومة بـ AI في متاحف مثل أوفيزي في فلورنسا والبومبي في نابولي، قادرة على تحليل حركة الزوار في الوقت الفعلي عبر Big Data للكشف عن أنماط غير طبيعية، مثل الاقتراب المفرط من العروض أو التنكر كعمال.
ويُعد التراث الثقافي الإيطالي أحد أعظم الكنوز العالمية، مع أكثر من 7 ملايين قطعة أثرية محفوظة في متاحف ومواقع أثرية، تجذب 60 مليون سائح سنوياً وتساهم بنسبة 13% من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، يواجه هذا التراث تهديدات متزايدة وسرقات متكررة، مثل سرقة لوحة «ولادة فينوس» من متحف أوفيزي في 2019 (استُعيدَت لاحقاً)، أو تآكل بيئي في مواقع مثل البومبي بسبب السياحة المفرطة. وفي السنوات الأخيرة، شهدت إيطاليا موجة من السرقات المنظمة، حيث سُرقت قطع بقيمة 500 مليون يورو بين 2020 و2024، وفقاً لتقارير اليونسكو.