
تعد الصحة النفسية للطلاب من التحديات الرئيسية التي تؤثر على العملية التعليمية، إذ تلعب دورا حاسما في مستوى التحصيل الدراسي والسلوك الاجتماعي وقدرة الطلاب على التكيف داخل محيط المدرسة وخارجها، حيث أن تعزيزها لا يقل أهمية عن التركيز على المناهج الدراسية والامتحانات، كما أنها تساهم في بناء بيئة تعليمية إيجابية تدعم النمو الشامل للطالب وتساعده على مواجهة ضغوط الحياة بشكل أكثر فاعلية.
وقالت الأخصائية التربوية ومدربة المهارات الحياتية الدكتورة آلاء توفيق، إن الضغوط التي يواجهها الطلبة تتنوع بين القلق من الامتحانات وتراكم الواجبات الدراسية والتحديات الأسرية والاقتصادية، إضافة إلى تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي التي أوجدت أنماطا جديدة من القلق والمقارنات غير الواقعية.
وأضافت لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن هذه الضغوط قد تظهر من خلال الانعزال أو العصبية أو ضعف التركيز وصولا إلى تراجع الأداء الأكاديمي، مؤكدة أن رصد هذه المؤشرات مبكرا يساعد على التدخل ومنع تفاقم المشكلات.
وبينت أن المرشد التربوي يمثل ركيزة أساسية في تعزيز الصحة النفسية للطلبة عبر تقديم الدعم النفسي والعاطفي وتنمية مهاراتهم الحياتية والتكيفية، إلى جانب دوره كحلقة وصل بين المدرسة والأسرة، مؤكدة أهمية الأنشطة اللامنهجية في توفير متنفس للطلبة للتعبير والإبداع وبناء الثقة بالنفس، بما يخفف من وطأة الضغوط الدراسية.
من جهتها، أوضحت استشارية الأسرة والتربية الدكتورة أمل الدويري، أن دور المرشد التربوي لم يعد يقتصر على التنسيق بين الطالب والمعلم أو ولي الأمر، بل أصبح مسؤولا عن الرصد المبكر للسلوكيات غير المألوفة وتقديم جلسات إرشادية فردية أو جماعية ومتابعة الحالات التي تحتاج إلى تدخل متخصص، ما يجعله يقوم بدور وقائي وعلاجي في آن واحد.
وأضافت، إن الأنشطة الرياضية والفنية تسهم بفاعلية في تخفيف الضغوط النفسية، من خلال تفريغ الطاقة السلبية وتعزيز الثقة بالنفس وتوفير مساحة للتعبير الصحي عن المشاعر.
ولفتت إلى أن المرشدين يواجهون تحديات عدة أبرزها قلة أعدادهم مقارنة بالطلبة ومحدودية الموارد والبرامج المتخصصة، إضافة إلى النظرة الاجتماعية التي ما تزال تضع وصمة حول الصحة النفسية وتحد من تعاون بعض الأسر، مشيرة إلى أن برامج دعم الصحة النفسية في المدارس ما تزال في بداياتها وتحتاج إلى تطوير مستمر لضمان وصولها إلى جميع الطلبة.
بدورها، قالت مدربة البرمجة اللغوية العصبية وعضو الجمعية الأميركية للتربية الإيجابية علا حسن، إن بداية العام الدراسي تمثل تحديا نفسيا خاصا للطلبة، إذ قد يواجهون شعورا بالغربة والقلق نتيجة دخول بيئة جديدة غير مألوفة، وصعوبة في التواصل مع زملاء ومعلمين جدد، إضافة إلى ضغط التوقعات الأسرية والتنافس داخل الصف.
وأكدت أن هذه الضغوط قد تنعكس في سلوكيات سلبية مثل العدوانية، التأتأة، العزلة أو الخوف من التفاعل الاجتماعي، مؤكدة أهمية التهيئة النفسية المسبقة للطلبة، عبر الزيارات التمهيدية للمدرسة والأنشطة التعبيرية والرياضية وتعزيز القيم التربوية كالتعاون والاحترام.
من جانبه، أشار خبير الأسرة الدكتور مفلح محمد، الى أن للأسرة دورا محوريا في حماية أبنائها من الضغوط النفسية، من خلال الإصغاء لمشكلاتهم وتجنب المقارنات السلبية أو النقد المستمر، مشيرا إلى أن اللجوء للاختصاصيين عند ظهور مؤشرات القلق أو الاكتئاب لا يعد ضعفا، بل خطوة وقائية تسهم في احتواء المشكلة قبل أن تتحول إلى اضطراب.
وقال مدير التربية والتعليم للواء قصبة اربد الدكتور رعد الخصاونة، إن وزارة التربية والتعليم تولي عناية خاصة بالصحة النفسية للطلبة، من خلال البرامج الوطنية والشراكات مع المؤسسات الصحية والدولية، بهدف توفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة تمكنهم من مواجهة تحديات الحياة بثقة ومرونة، مبينا أن المديرية تحرص على تفعيل هذه المبادرات في مدارسها لضمان نشأة جيل متوازن نفسيا وفكريا واجتماعيا.
مصدر الخبر: تعزيز الصحة النفسية للطلبة يساهم في تحسين أدائهم الأكاديمي وتنمية مهاراتهم الحياتية .