يُعد القلق رد فعل عاطفي طبيعي تجاه التوتر، لكنه يتحول إلى مشكلة خطيرة عندما يصل إلى مستويات ساحقة، مسبباً أعراضاً جسدية مخيفة مثل فرط التنفس، وشعور المصاب بسرعة في التنفس أو صعوبة فيه، ضيق في الصدر، دوخة، وغالباً ما يقتنع بأنه يواجه حالة طبية طارئة تهدد حياته، لكن ما هي العلاقة الدقيقة بين القلق وفرط التنفس؟.
في هذا الإطار قال المدير الطبي والمسؤول الصحي الأول لمنطقة شبه القارة الهندية في منظمة «إنترناشيونال إس أو إس» الدكتور فيكرام فورا، إن فرط التنفس، أو الإفراط في التنفس، يحدث عندما يتنفس الشخص بسرعة زائدة أو عميقة بشكل غير ضروري، مما يقلل من مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم.
ويوضح الدكتور فورا لموقع «only myhealth»: «انخفاض ثاني أكسيد الكربون يغير درجة الحموضة في الجسم، مسبباً أعراضاً مثل الدوخة، الوخز في الأصابع، ضيق التنفس، أو حتى الإغماء، إنه رد فعل الجسم تجاه ما يراه تهديداً أو توتراً هائلاً»، مُضيفًأ: يبدأ الجسم في التنفس السريع بسبب القلق أو الذعر، رغم عدم حاجته الفسيولوجية لمزيد من الأكسجين، وهذا الخلل يولد شعوراً بالاختناق، مما يعزز الذعر في حلقة مفرغة وكلما زاد القلق، زاد فرط التنفس، وتفاقمت الأعراض.
الرابط بين القلق وفرط التنفس
ويؤكد الطبيب الهندي أن «القلق أحد أكثر الأسباب شيوعاً لفرط التنفس، يفعّل رد الفعل «القتال أو الهروب» في الجسم، مما يسرّع التنفس لتوصيل المزيد من الأكسجين إلى العضلات والأعضاء»، لكن إذا كان التهديد نفسياً لا جسدياً، يصبح هذا التنفس السريع غير مفيد، بل يزيد من تفاقم أعراض القلق.
فيما يلعب الجهاز العصبي دوراً مركزياً وخلال نوبات القلق، ينشط الجهاز العصبي الودي بشكل مفرط، مما يرفع معدل التنفس، ضربات القلب، واليقظة، ويضيف الدكتور فورا: «كان هذا الرد فعّالاً لحمايتنا في العصور القديمة، لكنه اليوم يُثار بسبب ضغوط يومية عادية مثل الضغط المهني أو القلق الاجتماعي، لا مخاطر حقيقية».
أعراض فرط التنفس الناتج عن القلق
يمكن أن تكون هذه الأعراض مرعبة للغاية، وتشمل عادة:
– ضيق تنفس أو عدم القدرة على الشهيق العميق.
– ألم أو ضيق في الصدر.
– دوخة أو إغماء محتمل.
– تنميل أو وخز في اليدين والقدمين.
– خفقان سريع في القلب.
– شعور بانفصال عن الواقع (حالة تُسمى التبدد).
وفي هذا الإطار يُحذر الدكتور فورا من أن هذه الأعراض قد تحاكي حالات طبية خطيرة مثل النوبة القلبية أو الربو، مما يزيد القلق ويفاقم الحلقة السلبية.
كيفية السيطرة على فرط التنفس
يطمئن الدكتور فورا بأن فرط التنفس الناتج عن القلق غير خطير عادة، ويمكن التحكم فيه بطرق فعالة، كما نصح بتطوير مهارات التنفس المتحكم فيه واليقظة لاستعادة التوازن، ومن أبرزها:
– تمارين التنفس البطيء: استنشق ببطء من الأنف لمدة 4 ثوانٍ، احبس النفس لثانيتين، ثم زفر ببطء من الفم لمدة 6 ثوانٍ.
– تقنيات التأريض: ركز على محيطك – ما تراه، تسمع، تشعر به – لتحويل التركيز بعيداً عن الأفكار المقلقة.
– تمارين الاسترخاء: اليوغا، التأمل، أو استرخاء العضلات التدريجي لتهدئة الجهاز العصبي.
– مساعدة متخصصة: إذا تكررت النوبات أو كانت شديدة، استشر طبيباً نفسياً أو معالجاً للعلاج السلوكي المعرفي.
متى تطلب المساعدة الطبية؟
رغم أن فرط التنفس الناتج عن القلق غالباً غير ضار، إلا أن النوبات المتكررة أو غير المبررة تستحق فحصاً طبياً، لذا ينصح الطبيب الهندي بالتوجه فوراً إلى المستشفى لاستبعاد أمراض أخرى إذا صاحبت ألماً صدرياً شديداً، فقدان الوعي، أو ضيق تنفس مزمن.



