بدأت دولة توفالو الواقعة في المحيط الهادئ أول عملية إخلاء جماعية من نوعها، في خطوة وُصفت بأنها «سابقة مناخية»، بعدما أكدت التقديرات أن أرخبيلها قد يصبح غير صالح للسكن بحلول عام 2050 نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر.
وبموجب «معاهدة اتحاد فاليبيلي» التي أبرمتها توفالو مع أستراليا في عام 2023، سيُمنح 280 مواطنًا من توفالو سنويًا حق الإقامة الدائمة في أستراليا، تشمل مزايا التعليم والرعاية الصحية والتوظيف والسكن. وقد تقدم أكثر من 8750 شخصًا – يشملون أفراد عائلات – للحصول على أحد هذه الأماكن المحدودة.
تشير الأرقام إلى أن مستوى سطح البحر في توفالو ارتفع بمقدار 15 سنتيمترًا خلال الثلاثين عامًا الماضية، وهو معدل يتجاوز المتوسط العالمي. وتعد هذه الزيادة كافية لتشكّل تهديدًا وجوديًا لسكان البلاد البالغ عددهم نحو 11 ألف نسمة، المنتشرين على تسع جزر منخفضة الارتفاع.
في مواجهة هذا الخطر، تسعى توفالو لحفظ ثقافتها وهويتها من خلال مشروع للتحول إلى أول «دولة رقمية» في العالم. يشمل المشروع رقمنة الجزر عبر المسح ثلاثي الأبعاد، وتحويل الوظائف الحكومية إلى صيغة إلكترونية، وحتى إعادة صياغة الدستور لتعريف الدولة ككيان افتراضي قابل للاستمرار رغم اختفاء أراضيه.
لا تقف أزمة توفالو عند حدودها الجغرافية؛ فوكالة ناسا تؤكد أن وتيرة ارتفاع مستوى البحار قد تضاعفت منذ 1993. وتشهد مناطق مثل خليج المكسيك معدلات ارتفاع تفوق المتوسط بثلاثة أضعاف، ما يهدد ولايات أمريكية عدة بفقدان سواحلها، مثل فلوريدا ولويزيانا وتكساس وألاباما وميسيسيبي.
توفالو، كما يرى الخبراء، هي بمثابة «الكناري في منجم الفحم» – وذلك إشارة إلى الإنذار المبكر في وجه كارثة مناخية تلوح في الأفق وتحتاج إلى تحرك عالمي عاجل.