
• وشاح: البنك المركزي مستعد لتوسيع نطاق التعاون مع الجامعات بما في ذلك تبادل الخبرات والأنظمة
• الصرايرة: حزمة إجراءات تطويرية تهدف إلى مواءمة مخرجات كليات الأعمال في الجامعات الأردنية مع احتياجات سوق العمل
• المحروق: القطاع المصرفي في الأردن يشهد تحولات جذرية على مستوى التشغيل والتوظيف
• الهنداوي: عدد المتدربين الذين التحقوا ببرامج معهد الدراسات تجاوز 140 ألف متدرب ومتدربة
عقدت جمعية البنوك، اليوم الأربعاء، جلسة حوارية موسعة في مقر الجمعية، لمناقشة واقع سوق العمل في القطاع المصرفي، والوقوف على آليات تجسير الفجوة بين متطلبات التوظيف ومخرجات التعليم العالي، بمشاركة واسعة من عمداء كليات الأعمال والاقتصاد والإدارة في الجامعات الأردنية، إلى جانب نخبة من الخبراء وممثلي البنوك.
وقال نائب محافظ البنك المركزي، الدكتور خلدون وشاح، إن تطوير مهارات خريجي الجامعات بما يتماشى مع متطلبات القطاع المالي والمصرفي ضرورة ملحّة، مشددًا على أهمية ربط المناهج الأكاديمية بالتطبيق العملي من خلال مختبرات متخصصة داخل الجامعات، وتوفير بيئة تدريب حقيقية تمكّن الطلبة من التعامل مع أنظمة مالية ومصرفية واقعية.
وأوضح أن البنك المركزي وقع اتفاقيات تعاون متعددة مع جامعات محلية، وأن لديه برامج تدريب متقدمة تشمل مختلف التخصصات ذات الصلة، مشيرًا إلى أن حجم التدريب المقدم في البنك “يفوق ما قد يتصوره البعض”، وأن أبواب البنك مفتوحة لتوسيع نطاق التعاون مع الجامعات، بما في ذلك تبادل الخبرات والأنظمة.
وتابع بالقول إن القطاع الخاص بإمكانه أن يسهم بدور حيوي في دعم إنشاء هذه المختبرات، عبر التبرع بأنظمة أو أدوات تسهّل ربط الجانب الأكاديمي بالتطبيق الفعلي، مؤكّدًا أن “هناك حاجة ماسّة لأن تكون مخرجات التعليم مواكبة لتطلعات السوق.
وقال إن التصنيفات الأكاديمية الأردنية يجب أن تراعي هذا البعد، موضحًا أن تحسين التصنيف الجامعي يجب أن يرتبط بمدى قدرة الجامعات على تخريج طلبة جاهزين للعمل وليس فقط التركيز على المعايير الشكلية.
وأشار إلى أهمية وجود إطار تنظيمي واضح يضبط العلاقة بين القطاع المالي والمؤسسات الأكاديمية، ويراعي حقوق جميع الأطراف، ويضمن مواءمة السياسات التعليمية مع أولويات الاقتصاد الوطني.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن البنك المركزي، كأول مؤسسة مالية في المملكة، يدرك تمامًا أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، وأنه على استعداد لدعم أي مبادرة حقيقية تسهم في ردم الفجوة بين التعليم والعمل، خاصة في قطاع البنوك الذي يشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني.
وبدوره، قال رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، الدكتور ظافر الصرايرة، إن الهيئة أقرت حزمة إجراءات تطويرية تهدف إلى مواءمة مخرجات كليات الأعمال والاقتصاد والعلوم المالية والإدارية في الجامعات الأردنية مع احتياجات سوق العمل، في ضوء فجوة متنامية بين مهارات الخريجين ومتطلبات القطاعات الإنتاجية والخدمية، وعلى رأسها القطاع المصرفي.
وأضاف الصرايرة، في كلمة ألقاها خلال الجلسة، أن الهيئة وضعت خطة تنفيذية قصيرة ومتوسطة الأمد، سيتم الشروع بها ابتداءً من العام الجامعي 2025/2026، مشيرًا إلى أن اللقاء يأتي ضمن سلسلة لقاءات متخصصة لتقييم البرامج الأكاديمية على ضوء التصنيفات العالمية ومتطلبات التوظيف.
وتابع الصرايرة: “نحن أمام فرصة حقيقية لجمع جناحي العملية التعليمية؛ الأكاديمي والتطبيقي، في حوار مباشر يهدف إلى تطوير برامج كليات الأعمال، والاستفادة من خبرات العاملين في سوق العمل، ودمجهم في صياغة الخطط الدراسية وتقييم المخرجات، بما يسهم في تحسين فرص توظيف الخريجين وتطوير قدراتهم العملية”.
وأشار الصرايرة إلى أن عدد برامج البكالوريوس في كليات الأعمال والاقتصاد والإدارة في الجامعات الأردنية بلغ 139 برنامجًا، موزعة على مختلف الجامعات، مؤكدًا أن نسبة كبيرة منها ما زالت تعتمد نماذج تدريس تقليدية لا تتوافق مع الاتجاهات الحديثة في التعليم، خلافًا لما هو معمول به في الجامعات العالمية، التي باتت تدمج بين التعليم النظري والتطبيقي، وتركز على المهارات الرقمية والتحليلية.
وقال إن عددًا من الجامعات الأردنية تقدمت بطلبات لتحويل مسميات وتوجهات تخصصاتها، لتصبح أقرب إلى “Business Intelligence” و”FinTech” و”Data Analytics”، في محاولة للتحديث، مشددًا على ضرورة الحفاظ على مرونة الخطط الدراسية دون المساس بجوهر التخصص، مع السماح بإدخال مساقات جديدة تلبي حاجة السوق، مثل الذكاء الاصطناعي للأعمال، والتسويق المبني على البيانات، والتعلم الآلي.
ولفت إلى ان خطة الهيئة تضمنت ثلاثة محاور رئيسية، أولها الخطط الدراسية، حيث سيتم إدخال مساقات جديدة تركز على الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتحليل البيانات، استنادًا إلى نماذج جامعات مثل London Business School وUniversity College of London. كما ستعتمد الجامعات وثائق مكملة للخطط الدراسية (Supplementary Document) توضح بوضوح المهارات المستهدفة ونسب المكون التطبيقي.
وأضاف انه سيتم إدخال مشاريع تطبيقية في كل برنامج، تتضمن عملًا فعليًا ميدانيًا مع شركات ومؤسسات، إلى جانب تنفيذ خطط تدريب ميدانية ضمن نموذج التعليم الثنائي (Dual Studies)، الذي يخصص من 40 إلى 50% من وقت الطالب في مؤسسات سوق العمل.
أما المحور الثاني وهو جودة المخرجات والبيئة التعليمية، حيث أوضح الصرايرة أن الهيئة ستعتمد منصة خاصة لتتبع السمعة التوظيفية للبرامج من خلال تغذية راجعة من أصحاب العمل، إلى جانب إنشاء منصة متابعة للخريجين (Alumni Platform) لقياس نسب التوظيف.
ولفت إلى ان الإجراءات تشمل إشراك القطاعات الخاصة في مراجعة البرامج، واعتماد نماذج التعلم بالمشروعات (PBL، ودعم المختبرات والمنصات الرقمية المساندة، وإعداد تصنيف أردني للبرامج الأكاديمية سيتم الانتهاء منه في الربع الأول من 2026، ليُستخدم لاحقًا كأداة مرجعية رسمية عند طلب الترخيص أو اعتماد البرنامج.
وبالنسبة للمحور الثالث، والذي يتعلق بالكوادر الأكاديمية والطلبة، حيث شدد الدكتور الصرايرة على أهمية تأهيل أعضاء هيئة التدريس، من خلال تشجيعهم على الالتحاق بدورات تخصصية، وتقديم خطط ابتعاث للجامعات العالمية، لافتا إلى ان الهيئة ستُشجَّع الجامعات على إشراك خبراء من القطاع الخاص في التدريس، رغم التحديات التي تفرضها الفجوة بين الرواتب الأكاديمية والقطاعية،وسيتم إدراج الشهادات المصغرة (Micro-Credentials) ضمن متطلبات الخريج، مع إمكانية معادلتها لمساقات أكاديمية داخل الخطة الدراسية، إذا استوفت معايير الهيئة.
وحول بيانات التصنيف والسمعة الأكاديمية، أشار إلى بيانات الهيئة أن عددًا من البرامج الأردنية تم تصنيفها ضمن أفضل 200 إلى 800 جامعة عالميًا، وفق تصنيفات Times وQS. وركزت الهيئة على أبرز المعايير المعتمدة في التصنيفات، ومنها: جودة التدريس، السمعة الأكاديمية، كفاءة الكوادر، التجهيزات، الإنتاج البحثي، الاستشهادات الأكاديمية، ونسب التوظيف.
وأشار إلى أن الجامعات الأردنية التالية ظهرت بانتظام في التصنيفات العالمية على مستوى تخصصات الأعمال والاقتصاد: الجامعة الأردنية (UJ)، الجامعة الهاشمية (HU)، جامعة العلوم التطبيقية، الجامعة الأمريكية، جامعة الزيتونة، جامعة اليرموك، جامعة الشرق الأوسط، وغيرها.
وأشاد الصرايرة بدور جمعية البنوك الأردنية في إعداد دراسة تحليلية موسعة حول الفجوات المهارية لدى خريجي كليات الأعمال، بالاستناد إلى تقييمات فعلية من مسؤولي التوظيف في البنوك المحلية.
أشار الصرايرة إلى أن الهيئة تشجع الجامعات الأردنية على التقدم للحصول على اعتمادات دولية مرموقة مثل AACSB وEFMD، رغم صعوبتها وتطلبها لسنوات من التحضير.
وقال: “التصنيفات التخصصية أصبحت معيارًا دوليًا معتمدًا، وتُطلب بشكل رسمي من قبل جهات التوظيف الخليجية والملحقيات الثقافية”، داعيًا الجامعات إلى أخذ هذا المعيار بجدية في تطوير برامجها، وتحقيق مستوى من التميز الأكاديمي المعترف به دوليًا.
وأكد الدكتور الصرايرة أن الهيئة ستبدأ بتطبيق هذه الإجراءات بدءًا من العام الجامعي 2025/2026، وسيتم ربط قرارات الاعتماد والقبول بعدد من المعايير، منها: نسبة التوظيف، السمعة التخصصية، نتائج الخريجين في سوق العمل، ومدى استجابة الجامعات لتوصيات القطاع الخاص.
كما أشار إلى أن الخطط الدراسية الجديدة سيتم اعتمادها قبل تاريخ 28 أيلول من العام المقبل، لتُطبَّق على الطلبة الجدد في العام ذاته.
وبدوره، قال المدير التنفيذي لجمعية البنوك الأردنية، الدكتور ماهر المحروق، إن القطاع المصرفي في الأردن يشهد تحولات جذرية على مستوى التشغيل والتوظيف، نتيجة التغيرات التكنولوجية المتسارعة، والاتجاهات العالمية نحو الاقتصاد الرقمي، مؤكدًا أن البنوك الأردنية تتجه بشكل متسارع نحو تعزيز الأدوار التقنية والتحليلية، على حساب الوظائف التشغيلية التقليدية.
وأضاف المحروق، خلال عرضه نتائج دراسة أعدتها الجمعية في أيار 2024، أن التغيرات في سوق العمل العالمي تنعكس مباشرة على واقع التوظيف في القطاع المصرفي الأردني، مشيرًا إلى أن تقرير “مستقبل الوظائف 2025” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، توقع استحداث 170 مليون وظيفة جديدة عالميًا مقابل اختفاء 92 مليون وظيفة، بصافي نمو يبلغ 78 مليون وظيفة، معظمها تتطلب مهارات تقنية متقدمة وقدرة عالية على التكيف والتعلم المستمر.
وأوضح المحروق أن هذه التحولات تفرض على القطاع المصرفي إعادة النظر في نماذج التوظيف والخطط التدريبية، لضمان جاهزية الخريجين الجدد، خصوصًا في ظل تحديات تتعلق بالفجوة المهارية بين مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات المصارف.
وأكد المحروق أن القطاع المصرفي الأردني هو الأقدر من بين القطاعات الاقتصادية على قيادة عملية التحول الرقمي، بسبب قدرته الاستثمارية العالية، وطبيعة ارتباطه الوثيق بالتشريعات والمعايير الدولية، مشيرًا إلى أن البنوك الأردنية ملتزمة بتطبيق متطلبات الحوكمة ومكافحة غسل الأموال والامتثال المالي، مما يتطلب كوادر مؤهلة تقنيًا وإداريًا.
وقال: “إذا حدث التحول الرقمي بشكل فعلي في الأردن، فالقطاع المصرفي سيكون في المقدمة”، مستشهدًا بإحصائيات تبين أن أكثر من 35% من العاملين في القطاع من الإناث، وهي نسبة تفوق المعدل العام في الاقتصاد الأردني (15%).
وحول بيانات التوظيف في البنوك لعام 2024، نوه إلى ان الدراسة التي شملت 20 بنكًا من أصل 24 بنكًا عاملًا في الأردن، اظهرت أن عدد العاملين في البنوك الأردنية حتى نهاية عام 2024 بلغ 22,996 موظفًا وموظفة، منهم 14,827 من الذكور (64.5%) و8,169 من الإناث (35.5%).
كما أظهرت أن عدد الخريجين الجدد الذين تم توظيفهم في عام 2024 بلغ 1,283 خريجًا، يشكلون نحو 49% من إجمالي التعيينات الجديدة، منهم 526 أنثى و795 ذكرًا.
وأشار المحروق إلى أن نحو نصف من تم تعيينهم العام الماضي كانوا دون أي خبرة مهنية سابقة، مما يعكس حجم الاعتماد على الخريجين الجدد في تشغيل الفروع والأعمال التشغيلية الأولية، لا سيما في وظائف مثل أمين صندوق، وخدمة العملاء، والاستقبال.
وحول الوظائف الأكثر توظيفًا في البنوك الأردنية، لفت إلى نتائج الدراسة، والتي أوضحت فن أكثر المسميات التي تم توظيف الخريجين الجدد ضمنها عام 2024 توزعت على وظائف الفروع وخدمة العملاء، والوظائف التقنية والدعم الفني: والوظائف التحليلية والتدقيقية، الوظائف المتخصصة في العمليات والتحويلات.
وأشار المحروق إلى أن الوظائف التشغيلية ما تزال تشهد طلبًا مرتفعًا، خصوصًا في المراحل الأولى للعمل البنكي، لكنها تتطلب تدريجيًا تطويرًا مهنيًا مستمرًا، في حين تشهد وظائف تحليل البيانات وتكنولوجيا المعلومات طلبًا متزايدًا، مدفوعًا بالتحول الرقمي والتهديدات السيبرانية.
والاحتياجات التوظيفية المستقبلية، كشفت الدراسة عن تصنيف دقيق للاحتياجات التوظيفية لدى البنوك حسب طبيعة الوظيفة: الوظائف التشغيلية، وتحليل البيانات، وتكنولوجيا المعلومات، والحوكمة والرقابة، والمبيعات المباشرة.
وأشار المحروق إلى أن هناك توجهًا قويًا لدى البنوك لتوظيف خريجي التخصصات التقنية، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، إدارة البيانات، والتحليل المالي، مؤكدًا أن النتائج تحمل توصيات واضحة للجامعات الأردنية بضرورة تعزيز برامجها في هذه المجالات، وإدماج المهارات التطبيقية عبر مساقات فرعية (Minor) في البرامج التقليدية.
وشدد الدكتور المحروق على أن الدراسة، رغم كونها لا تدعي الشمولية الكاملة، تشكل مرجعًا مهمًا لصنّاع السياسات التعليمية في الأردن، وتؤسس لتوجيه فعّال للجامعات لتحديث برامجها، وتعزيز المهارات التي يطلبها سوق العمل المصرفي، بما يتماشى مع التغيرات التكنولوجية والتحول الرقمي.
إلى ذلك، قال مدير عام معهد الدراسات المصرفية، الدكتور رياض الهنداوي، إن المعهد يمثل الذراع التدريبية للبنك المركزي الأردني، ويُعد أحد أهم الأذرع المؤسسية لتأهيل الكوادر البشرية العاملة في القطاع المصرفي والمالي، مشيرًا إلى أن المعهد يعمل بالشراكة المباشرة بين البنك المركزي الأردني والقطاع المصرفي، ويترأس مجلس إدارته معالي محمد البكر.
وأضاف الهنداوي، أن المعهد تأسس بموجب المادة 37/د من قانون البنك المركزي الأردني، ونظامه الداخلي رقم 69 لسنة 1970، وبدأ عمله رسميًا في 9 تشرين الأول 1971، ويقع مقره الرئيسي في عمّان، مع وجود فرعين في إربد والعقبة، إلى جانب قاعات تدريبية مجهزة في مواقع متعددة.
وأشار الهنداوي إلى أن عدد المتدربين الذين التحقوا ببرامج المعهد على مدار السنوات الماضية تجاوز 140 ألف متدرب ومتدربة، من العاملين في البنوك والمؤسسات المالية، بالإضافة إلى الخريجين الجدد.
ولفت إلى انه وفي عام 2019، حصل المعهد على اعتماد دولي من مجلس اعتماد التعليم والتدريب المستمر (ACCET) في الولايات المتحدة، ليكون بذلك أول مؤسسة تدريبية أردنية تنال هذا الاعتماد، وثاني معهد مصرفي عربي يحقّق هذا الإنجاز. وتم تجديد الاعتماد بنجاح لعام 2025 ولمدة خمس سنوات إضافية، ما يؤكد التزام المعهد بالمواصفات العالمية في التدريب والتأهيل.
وأوضح أن التدريب في المعهد يتم وفق نظام صارم يضمن الجودة، يبدأ من لحظة تسجيل المتدرب وحتى إنهاء البرنامج، مرورًا باختبارات تقييمية واضحة، ويشمل محتوى تطبيقيًا عالي المستوى. وقال: “نحن لا نقدم تدريبًا نظريًا فقط، بل نركز على الجاهزية العملية، حيث يتوقع القطاع المصرفي من خريجينا أن يكونوا قادرين على مباشرة العمل فورًا”.
وأكد الهنداوي أن جميع المدربين في المعهد هم من كوادر القطاع المصرفي والمالي العاملة، وليسوا أكاديميين تقليديين، مما يمنح التدريب طابعًا واقعيًا مرتبطًا بالمهارات المطلوبة فعليًا في بيئة العمل البنكي.
وبيّن الهنداوي أن المعهد يقدم كذلك برنامجًا أكاديميًا معتمدًا في الماجستير بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهو “ماجستير العلوم المصرفية والمالية”، المعتمد بموجب قرارات رسمية منذ عام 2002.
ويهدف البرنامج إلى رفع المستوى الأكاديمي للكوادر العاملة في البنوك ممن يحملون درجة البكالوريوس، من خلال مزيج من المعرفة النظرية والخبرة التطبيقية باستخدام أحدث الأساليب التعليمية.
ولفت الهنداوي إلى أن المعهد يُشغّل أيضًا أكاديمية التكنولوجيا المالية الأردنية (FinTech Academy)، التي تقدم برامج متقدمة في التحول الرقمي، الأمن السيبراني، تحليلات البيانات، الذكاء الاصطناعي، وتطبيقات البلوك تشين، ضمن شراكة استراتيجية تستهدف بناء جيل جديد من المتخصصين في التكنولوجيا المصرفية.
وأكد أن هذه البرامج تأتي ضمن خطة وطنية شاملة لدعم التحول الرقمي في القطاع المالي، وتعزيز جاهزية المؤسسات المالية لمواجهة التهديدات السيبرانية وتغيرات السوق.
ومن جهته، قال المدير التنفيذي للتقنية في شركة المدفوعات الأردنية (JOPACC)، ، عبدالله الطويقات، ان الخريجين الجدد في كليات الأعمال والاقتصاد بحاجة ماسّة إلى اكتساب مهارات تقنية متخصصة تواكب تحولات القطاع المالي، مشيرًا إلى أن الرقمنة المتسارعة في النظام المصرفي الأردني تُحتم ردم الفجوة بين مخرجات التعليم وواقع سوق العمل.
وأضاف الطويقات، أن “كل وظيفة مصرفية اليوم، من الخزينة إلى التدقيق والمخاطر، تعمل من خلال الشيفرات البرمجية (Code)، والواجهات البرمجية (APIs)، والبيانات اللحظية”. وأوضح أن من لا يتقن هذه الأدوات، لن يكون مؤهلاً للتعامل مع النظام المالي الحديث الذي بات يعتمد كليًا على الحلول الرقمية.
وأكد أن شركة JOPACC، بصفتها المزود الوطني للبنية التحتية الرقمية للمدفوعات، تطرح مقترحًا عمليًا يتمثل في إضافة تسع ساعات صفية فقط إلى الخطة الدراسية للطلبة في سنتهم الجامعية الأخيرة، بحيث تغطي مفاهيم أساسية في التقنيات المالية الحديثة، دون الحاجة لإجراء تغييرات جذرية في المناهج الجامعية.
وشدد الطويقات على أن “الطلبة الذين يستطيعون التحدث بلغة التكنولوجيا – أو ما نسميه ‘Speak Tech’ – هم القادرون على تحويل الأنظمة والتشريعات المالية إلى أدوات رقمية قابلة للتطبيق. فهم يرصدون الاحتيال بسرعة، ويفهمون آلية عمل منصات المدفوعات الفورية، ويمكنهم تحويل تقنيات مثل العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) إلى ميزة تنافسية داخل المصارف”.
وأضاف أن هذه المهارات تمكّن الخريجين من دخول سوق العمل المصرفي بكفاءة، وتمكّنهم من التعاون مع مهندسي الأنظمة، ومطوري البرمجيات، والمحللين الماليين، بدلًا من الوقوف على الهامش.
وأشار الطويقات إلى أن المواد التدريبية المقترحة يجب أن تشمل موضوعات متعددة، من بينها: البنية التحتية لأنظمة المدفوعات، أمن المعلومات السيبراني، الأنظمة البنكية الأساسية (Core Banking Systems)، إدارة البيانات والتحليلات، القنوات الرقمية، تطوير المنتجات المالية الرقمية، أدوات الإقراض، والتمويل الجماعي، إلى جانب مفاهيم ناشئة مثل التمويل المضمَّن، ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية (ESG).
وأضاف أن المفاهيم يجب أن تُدرس بلغة بسيطة ومركّزة من خلال وحدات تدريبية قصيرة (Modules)، يتم تنفيذها بالتعاون بين الجامعات وخبراء من القطاع المصرفي وشركات التقنية المالية وشركات الدفع الإلكتروني.
وأوضح أن الخطة تشمل أيضًا تدريب الأساتذة الجامعيين على المفاهيم الحديثة من خلال ورش متخصصة، وإشراك خبراء من البنوك في عملية التعليم والتدريب. كما دعا إلى أن ترتبط مشاريع التخرج الجامعية بإشكاليات حقيقية تواجه القطاع المصرفي، بحيث تُبنى بإشراف مشترك بين الأكاديميا وسوق العمل.
وبيّن أن المشروع المقترح لا يقتصر على المفاهيم التقنية فقط، بل يشمل أيضًا تدريب الطلبة على المهارات المهنية المطلوبة في بيئة العمل، مثل الكتابة المهنية عبر البريد الإلكتروني، التوثيق الرسمي، الاستخدام المهني للذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات الرقمية.
وأشار الطويقات إلى أن عددًا كبيرًا من المؤسسات المالية في الأردن باتت تعتمد على تقنيات مثل البلوك تشين، التمويل اللامركزي (DeFi)، البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر وتحليل الائتمان، وهو ما يستدعي من الخريج إتقان أدوات جديدة مثل تحليل العقود الذكية، تقييم بيانات الائتمان الرقمية، فهم منصات الإقراض اللامركزي، ومعالجة مخاطر الطرف المقابل.
وبدورها، قالت مديرة تطوير المهارات والتعليم الرقمي في وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، أميرة قرقش، إن التوجهات الحديثة في تطوير كفاءات الطلبة الأردنيين أصبحت اليوم أكثر تكاملاً وتوافقاً مع متطلبات سوق العمل، لا سيما في القطاع المصرفي وقطاع التكنولوجيا، مؤكدة أن الحكومة تسعى إلى خلق منظومة تعليمية مرنة ومدعومة، تربط الخريج مباشرة بفرص العمل والمهارات الرقمية المتقدمة.
وأضافت قرقش، أن نتائج الدراسة التي تم عرضها خلال اللقاء، تنسجم بشكل كبير مع دراسة استطلاعية أوسع تُجريها الوزارة حاليًا بالتعاون مع جمعية “إنتاج”، حول الشراكة بين قطاع الأعمال والتعليم العالي، مشيرة إلى وجود تقاطعات واضحة بين ما يحتاجه القطاع المصرفي وما يتطلبه قطاع التكنولوجيا.
وأكدت أن وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة لديها مذكرات تفاهم نشطة مع 21 جامعة أردنية، تشمل كليات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والأعمال، بهدف إدماج المهارات الرقمية ضمن الخطط الدراسية، وتعزيز جاهزية الطلبة لسوق العمل، مشيرة إلى أن هذا التوجه يحظى بدعم مباشر من هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، والتي أصدرت تعليمات واضحة للجامعات بضرورة مواءمة المخرجات التعليمية مع متطلبات السوق.
وقالت قرقش إن هذه الجهود تأتي ضمن إطار مشروع “الشباب والتكنولوجيا والوظائف”، والذي تنفذه الوزارة بدعم من البنك الدولي، ويشمل أيضاً التعاون مع جمعية المهارات الرقمية. وأوضحت أن البرنامج يقدم حوافز للطلبة، لا سيما طلبة كليات الأعمال، للحصول على شهادات مهنية متقدمة في مجالات التكنولوجيا، مع تغطية التكاليف كاملة، حتى لو لم تكن هذه الشهادات مدرجة مسبقًا ضمن قائمة الشهادات المعتمدة، حيث يمكن تقديمها إلى الهيئة للنظر في اعتمادها وتمويلها.
ولفتت إلى أن البرنامج المهني المتخصص، الذي تنفذه الوزارة بالتعاون مع مبادرة “إنجاز” وجمعية “إنتاج”، لا يقتصر على دعم التدريب، بل يشمل كذلك توفير فرص تشغيل بعد التخرج، مؤكدة أن هنالك نظامًا لتتبع أثر خريجي الجامعات من حيث قدرتهم على تحقيق دخل مستدام، سواء عبر التوظيف التقليدي أو العمل الحر أو ريادة الأعمال.
مصدر الخبر: جمعية البنوك تعقد جلسة حوارية لمناقشة واقع سوق العمل في القطاع المصرفي وربطها بمخرجات التعليم العالي .