
رانا النمرات
أكد خبراء ومسؤولون، أن إحياء أسبوع الدراية الإعلامية والمعلوماتية في الأردن يجسد التزام الدولة بمواصلة جهودها في بناء مجتمع واع ومحصن رقميا، قادر على التعامل المسؤول مع تدفق المعلومات والمحتوى الرقمي في ظل التحول التكنولوجي المتسارع.
وأشاروا، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، بمناسبة أسبوع الدراية الإعلامية، إلى أن مفهوم الدراية الإعلامية أصبح من ركائز التنمية المعرفية والاجتماعية، ومن أدوات حماية المجتمع من التضليل وخطاب الكراهية، مؤكدين أن تجربة الأردن في هذا المجال تمثل نموذجا إقليميا يحتذى بفضل سياساتها وبرامجها التعليمية والتوعوية التي تعزز قيم الانفتاح والتفكير النقدي والمواطنة الرقمية المسؤولة.
وفي سياق التفاصيل، أكدت مديرة السياسات الإعلامية والإعلام الخارجي في ورازة الاتصال الحكومي الدكتورة مجد العمد، أن الدراية الإعلامية والمعلوماتية تمثل اليوم أحد الأعمدة الرئيسة في بناء المجتمع الحديث، في ظل التحول الرقمي المتسارع وانتشار المعلومات المضللة على مختلف المنصات، مشددة على أن تعزيز هذا المفهوم يسهم في تمكين الأفراد من التعامل الواعي مع مصادر المعلومات وتحليل المحتوى الإعلامي بموضوعية ومسؤولية، بما يعزز الثقة العامة ويحد من التضليل.
وقالت إن تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية في الأردن يعد مسارا وطنيا طويل الأمد يهدف إلى بناء مجتمع رقمي متوازن، يرسخ مبادئ الشمول والمساواة والانفتاح، ويجعل من الأردن نموذجا إقليميا في إدارة التحول الإعلامي والمعلوماتي بوعي ومسؤولية.
وأشارت إلى أن الأردن أدرك مبكرا أهمية هذا المجال، إذ بدأت الجهود الوطنية عام 2014، وتوجت بإقرار الإطار الاستراتيجي الوطني للتربية الإعلامية والمعلوماتية عام 2018، وتنفيذ الخطة الوطنية الأولى للأعوام 2020–2023 التي تضمنت إدماج المفاهيم في المناهج الدراسية.
وأضافت أن العام الدراسي 2023 شهد إدخال مفاهيم الدراية الإعلامية في صفوف محددة، وتدريب أكثر من 800 معلم ومعلمة، و135 أستاذا جامعيا من 6 جامعات، إلى جانب تنفيذ أنشطة توعوية على مستوى المملكة.
وبينت العمد أن التجربة الأردنية حظيت بإشادة عربية ودولية، حيث جرى اعتمادها نموذجا عربيا في اجتماعات مجلس وزراء الإعلام العرب، كما توجت هذه الجهود باختيار الأردن لاستضافة مؤتمر الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية لعام 2024 بالشراكة مع منظمة اليونسكو، لتكون المملكة أول دولة عربية وفي منطقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستضيف هذا الحدث الدولي.
ولفتت إلى أن الأردن وصل إلى نهاية المستوى الثالث من تصنيف اليونسكو في مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية، فيما يجري العمل حاليا على الاستراتيجية الوطنية الثانية (2026–2029) التي تهدف إلى توسيع نطاق التطبيق وضمان الاستدامة وتعزيز الريادة الأردنية عالميا.
وأضافت أن وزارة الاتصال الحكومي تتولى منذ نهاية عام 2022 مسؤولية ملف الدراية الإعلامية والمعلوماتية، إذ شكلت فريقا وطنيا برئاسة وزير الاتصال الحكومي وعضوية الأمناء العامين لعدد من الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، لتنفيذ برامج ومبادرات بالشراكة مع الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني.
وأشارت إلى تنفيذ مشروع قافلة التربية الإعلامية والمعلوماتية الذي استهدف نحو 3000 طالب وشاب في الجامعات، وإطلاق برنامج “إضاءات” الذي تضمن نشر 24 مادة توعوية وتنظيم 13 ندوة تدريبية، فضلا عن عقد مؤتمر الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية برعاية ملكية سامية.
وأكدت أن تطبيق مفاهيم الدراية الإعلامية والمعلوماتية أسهم في رفع مستوى الوعي والتمكين الرقمي لدى المواطنين، وتعزيز الثقة بالمؤسسات والتفاعل المسؤول مع البيئة الإعلامية، مشيرة إلى أن الأردن ماض في ترسيخ ثقافة إعلامية رقمية قائمة على الانفتاح والموضوعية واحترام التنوع، وبما يعزز مكانته نموذجا رائدا في المنطقة في هذا المجال.
من جانبها، قالت خبيرة التربية الإعلامية والاتصال بيان التل، إن مهارات التربية الإعلامية والمعلوماتية أصبحت من مهارات الحياة الأساسية في العصر الرقمي، نظرا لدورها في تعزيز التفكير الناقد، وحماية المجتمعات من العنصرية والتحيز وخطاب الكراهية، ومنع انتشار الشائعات والمعلومات المضللة التي تستهدف تقويض الأمن المجتمعي والتحشيد نحو التطرف.
وأضافت أن مهارات البحث والتحليل والتفكر والإنتاج أصبحت ذات أهمية متزايدة، خصوصا مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يستدعي تطوير قدرات الأفراد للتعامل الواعي والمسؤول مع المعلومات والمحتوى الرقمي.
وأشارت التل إلى أن الأردن من الدول العربية الرائدة في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية، إذ أصبحت هذه المهارات من أولويات الحكومات المتعاقبة، وجرى اعتماد التجربة الأردنية في جامعة الدول العربية نموذجا يحتذى، لافتة إلى الجهود التي بذلتها الدولة من خلال المركز الوطني لتطوير المناهج بإدماج مفاهيم وكفايات التربية الإعلامية في الكتب المدرسية لجميع المراحل الدراسية، وتضمينها وحدات تعليمية متخصصة.
وأكدت أن جميع مؤسسات الدولة معنية بتوفير هذه المهارات لكل فئات المجتمع، مشددة على أهمية الشراكات بين القطاعات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني في نشر الوعي وتبادل الخبرات والمعرفة على المستويين الوطني والدولي.
وأضافت أن المرحلة المقبلة تتطلب التركيز على قياس أثر إدماج التربية الإعلامية في المناهج المدرسية على الطلبة والمعلمين، ومتابعة ملاحظات الهيئات التدريسية لتطوير المادة التعليمية باستمرار، إلى جانب ضمان توفير التدريب المستمر للكوادر التعليمية لتحقيق أفضل النتائج.
بدوره قال رئيس قسم الإعلام الرقمي في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة الدكتور أشرف المناصير، إن التدفق السريع للمعلومات وتعدد مصادر الأخبار غير الموثوقة جعل من الصعب التحكم في انتشارها، ما يؤثر سلبا على النسيج المجتمعي ويسهم في انتشار الإشاعات.
وأضاف أن تعزيز الوعي بمهارات التعامل مع المعلومات ومصادرها أصبح ضرورة وطنية، داعيا إلى عدم إعادة نشر أي محتوى قبل التحقق من مصدره وهدفه وتوقيته.
وأوضح أن الدراية الإعلامية تمكن الأفراد من تحليل الرسائل الإعلامية وفهم مضامينها واكتشاف النوايا الكامنة خلفها، مؤكدا أهمية إدراج مفاهيمها في المناهج الدراسية، وتدريب المعلمين وأولياء الأمور على توجيه الطلبة نحو الاستخدام الواعي للإعلام.
وأشار إلى ضرورة إطلاق حملات توعية رقمية وتشجيع البحث العلمي في مجال الإعلام، لافتا إلى أن الجامعات مدعوة للقيام بدورها من خلال ورش تدريبية لطلبة المدارس والمجتمع المحلي، تسهم في بناء جيل واع قادر على التمييز بين الأخبار الصحيحة والمضللة.
وأكد المناصير أن الدراية الإعلامية تعزز قيم المواطنة والمساءلة، وتحد من تداول المعلومات غير الدقيقة التي قد تترتب عليها مسؤولية قانونية واجتماعية.
–(بترا)
مصدر الخبر: خبراء: التجربة الأردنية في الدراية الإعلامية نموذج إقليمي يحتذى به .



