
أكد خبراء أن الصحة النفسية ركيزة أساسية في بناء الفرد المتوازن والمجتمع القادر على الإنتاج والعطاء، مشيرين إلى أن الاهتمام بها لا يعني فقط علاج الاضطرابات النفسية، بل تمكين الإنسان من التعامل مع ضغوط الحياة اليومية بإيجابية ومرونة.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الأربعاء، بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يأتي تحت شعار “الصحة النفسية حق إنساني عالمي”, إن العافية النفسية حق أصيل لكل إنسان ومسؤولية مشتركة بين الأفراد والمؤسسات، لما لها من أثر مباشر في استقرار المجتمعات وبناء أجيال أكثر وعياً واتزاناً نفسياً واجتماعياً.
وقالت الاستشارية النفسية والأسرية حنين البطوش، إن تعزيز الوعي بالصحة النفسية أحد الركائز الأساسية لجودة الحياة، مشيرة إلى أن الاهتمام بالجانب النفسي لا يقل أهمية عن العناية بالصحة الجسدية، وأن الوعي بالمشاعر وفهمها يشكل الخطوة الأولى نحو الاتزان والقدرة على مواجهة ضغوط الحياة.
وأضافت أن كثيرين يخفون معاناتهم النفسية خلف ابتسامة أو انشغال دائم، رغم حاجتهم إلى من يصغي إليهم دون أحكام أو انتقاد، مؤكدة أن الراحة النفسية هي الأساس الذي يمكن الإنسان من الاستمرار والعطاء، وأن التعب النفسي ليس ضعفاً، إنما تجربة إنسانية يمر بها الجميع بدرجات مختلفة.
وأوضحت البطوش أن الاعتراف بالمشاعر والتعب النفسي هو أول خطوة للعلاج، مبينة أن تجاهل هذه الحالات أو إنكارها قد يؤدي إلى تراكم الضغوط وتفاقم الأعراض، في حين أن الاعتراف والمصارحة يفتحان باب الدعم والمساندة سواء من الأسرة أو المتخصصين.
وأكدت أن الأسرة تشكل البيئة الأولى للطمأنينة النفسية، وأن الإصغاء للأطفال والمراهقين وتقبل مشاعرهم دون توبيخ يسهم في بناء جيل أكثر ثقة واستقراراً، مبينة أن إصغاء الأهل لأبنائهم والاعتراف بمشاعرهم يزرع فيهم الإحساس بالأمان والانتماء ويكسر دائرة العزلة.
وبينت البطوش أن الوصمة الاجتماعية ما زالت تعيق كثيرين عن طلب المساعدة النفسية، معتبرة أن بعض المفاهيم الخاطئة التي تربط العلاج النفسي بالضعف أو “الجنون” بحاجة إلى تصحيح عبر الإعلام والمبادرات الشبابية والمؤسسات التعليمية.
ودعت إلى نشر التثقيف النفسي في المدارس والجامعات وتوسيع خدمات الدعم النفسي بأسعار في متناول الجميع، إلى جانب إدماج برامج وقائية تعنى بتعليم مهارات التعامل مع الضغط النفسي وتشجيع ممارسة الأنشطة الرياضية والاجتماعية.
بدوره، أكد رئيس قسم الإرشاد التربوي في مديرية تربية المزار الشمالي، الدكتور عبد الرحمن الجراح، أن اليوم العالمي للصحة النفسية يأتي لتذكير العالم والكوادر التعليمية بأهمية العناية بالصحة النفسية بنفس القدر الذي نهتم فيه بالصحة الجسدية، مضيفاً أن التحديات والضغوط الحديثة التي نواجهها في حياتنا اليومية أسهمت بشكل كبير في زيادة معدلات القلق والاضطرابات النفسية المختلفة.
وبيّن أن اليوم العالمي للصحة النفسية يعد مناسبة مهمة لنشر الوعي حول هذه القضية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطلبة الذين يعانون من بعض المشكلات، والتي تحتاج من الكوادر التعليمية بمختلف المسميات الوظيفية إلى بذل الجهود القصوى لتحقيق الصحة النفسية لهم.
وأشار الجراح إلى أن الصحة النفسية أمر حيوي لجودة حياة الطلبة وسلامتهم العامة، وتؤثر على طريقة تفكيرهم وشعورهم وسلوكهم الإيجابي، ولها دور مهم في رفع مستوى تحصيلهم الأكاديمي وزيادة علاقاتهم الاجتماعية داخل المدرسة وخارجها، ونجاحهم في حياتهم المستقبلية والمهنية.
وشدد على حرص وزارة التربية على إعطاء الصحة النفسية المدرسية أهمية قصوى من خلال تنفيذ العديد من الأنشطة والمحاضرات وحصص التوجيه ونشرات للتوعية بأهمية الصحة النفسية، وذلك ضمن “حملة معا… نحو بيئة مدرسية آمنة”، التي تنفذ على مدار العام من خلال المرشدين التربويين في المدارس.
من جانبها، قالت المرشدة التربوية ناديا عبادة، إن الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية يجسد دعوة صادقة للوقوف أمام حقيقة أن الصحة النفسية ركيزة لا يمكن الاستغناء عنها للنجاح الأكاديمي والاجتماعي، معتبرة أنها تعني أن تكون مشاعرنا بأفضل حال، وأن نتعامل بمرونة وشجاعة مع تحديات الحياة.
ودعت الطالبات إلى ضرورة التعامل بحكمة مع الضغوط وتحويلها إلى عوامل للتطور والتقدم وتحسين الذات، مشيرة إلى أهمية طلب المساعدة من المرشد والاعتماد على الأهل بصفتهم أعضاء فاعلين في المجتمع، وحاسمين في بناء بيئة داعمة وخالية من الوصم.
يشار إلى أن اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي تخصصه منظمة الصحة العالمية سنوياً، يهدف إلى نشر الوعي بأهمية التوازن النفسي، وتشجيع الأفراد والمجتمعات على الحديث بصراحة عن قضاياهم النفسية، إضافة إلى تعزيز الوصول إلى خدمات الدعم والعلاج، وكسر الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية، بما يسهم في بناء مجتمعات أكثر تفهماً وتماسكاً وقدرة على المساندة.
–(بترا)
مصدر الخبر: خبراء: الصحة النفسية دعامة للاستقرار الأسري والاجتماعي .