في مدينة تورونتو الكندية، بدأ مفهوم غريب يشق طريقه في عالم العلاقات الاجتماعية يتمحور حول: دفع المال مقابل تكوين صداقات. ويشكل ظاهرة جديدة بدأت تجذب الانتباه، إذ تقدم منصات مثل 222، Groupvibe، وTimeleft خدمات اجتماعية مبتكرة، تُتيح للمشاركين فرصة لقاء أشخاص جدد في بيئات معدة خصيصًا لذلك.
تعتمد هذه المنصات على خوارزميات ذكية تقيم اختبارات شخصية للمشاركين، ومن ثم تجمعهم مع آخرين بناءً على توافق شخصياتهم. ويمكن للأعضاء شراء تذاكر فردية لحضور فعاليات اجتماعية متنوعة، أو دفع اشتراك شهري يتيح لهم الوصول إلى مجموعة واسعة من الفعاليات، مثل تناول الطعام في مطاعم مختارة أو الرحلات الخارجية.
«نحن لا نقدم مجرد فعالية عادية. نحن نخلق تجارب اجتماعية حصريّة حيث يعرف الجميع أن الهدف هو الاستمتاع والتعرف على أشخاص جدد في جو من الثقة والراحة». بهذه الكلمات، شرح رئيس العمليات في تورونتو لشركة 222 ساشا سايكو فلسفة العمل وراء هذه المنصة.
انطلقت شركة 222 في لوس أنجلوس في يناير 2023، ثم توسعت إلى نيويورك في فبراير 2024، وأخيرًا استقرت في تورونتو في يوليو الماضي. بدأت الشركة في تنظيم ثلاث فعاليات أسبوعية، واليوم، تضاعف العدد ليصل إلى ست فعاليات أسبوعية في المدينة.
وفي السياق نفسه، تعمل منصة Groupvibe في أكثر من 50 مدينة في أمريكا الشمالية وأوروبا، بما في ذلك تورونتو. ويقول مؤسس الشركة خالد الحاجي إن المنصة تجذب أكثر من 200 شخص شهريًا لحضور فعالياتها.
ويؤكد الحاجي أن الاهتمام بتنسيق الفعاليات هو سر جذب المشاركين. فيقول: «ليست مجرد لقاءات عابرة، بل نحن نحرص على خلق بيئة تتناسب مع اهتمامات المشاركين وتفضيلاتهم».
وفي الأسبوع الماضي، اجتمع ستة أشخاص غرباء في إحدى فعاليات 222، إذ تحدثوا وتبادلوا الخبرات معًا، ليكتشفوا أن ما كانوا في حاجة إليه هو الفرصة المناسبة للتواصل. ويصف المشاركون التجربة بأنها أكثر سهولة، إذ كان الجميع حاضرًا للانفتاح والتعرف على أشخاص جدد دون أي تحفظات اجتماعية.
وتسلط هذه الظاهرة الضوء على واقع اجتماعي متغير، إذ تُعيد هذه المنصات تعريف مفهوم الصداقة في ظل العزلة المتزايدة في المجتمعات الحديثة. ولكن السؤال يظل قائمًا: هل أصبحت الصداقات علاقة قابلة للشراء؟ وهل يمكن للفعاليات المعدة مسبقًا أن تكون بديلاً حقيقيًا عن العلاقات الاجتماعية العفوية؟
تورونتو قد تكون البداية، لكن يبدو أن هذه الظاهرة الاجتماعية قد تنتقل إلى مدن أخرى، لتُعيد تشكيل مفهوم التفاعل الإنساني في عالم أصبح فيه الزمن والراحة هما المعيار الأول لبناء العلاقات.