يتزايد عدد الأوروبيين الذين يسافرون إلى دول تسمح بالمساعدة على الانتحار، في ظاهرة تعرف باسم «السياحة الانتحارية»، بعد أن تمنع قوانين بلدانهم الأصلية إجراء «الموت الرحيم». وتعد سويسرا وهولندا من بين الدول القليلة التي تنظم هذه الممارسات قانونيًا، مع إجراءات صارمة لضمان حرية القرار واستقرار إرادة المريض.
في هولندا، بلغ عدد حالات «الموت الرحيم» 9958 حالة في 2024، بزيادة تقارب 10% عن العام السابق، وتشمل غالبية الحالات أمراضًا عضوية مثل السرطان وأمراض القلب، بينما تمثل المعاناة النفسية والاجتماعية نحو 2.2% من الحالات، مع تزايد ملموس في الطلبات المتعلقة بالخرف واضطرابات نفسية. ويخضع أي طلب لتقييم طبي مستقل ويجب استنفاد جميع بدائل العلاج قبل الموافقة، مع ضمان عدم وجود ضغط اجتماعي أو عائلي على المريض.
أما في سويسرا، فقد سجلت منظمة «إكزيت» 1134 حالة مساعدة على الانتحار خلال 2024، ويشكل الأجانب نحو 23% من هذه الحالات. وتشترط القوانين السويسرية تقديم طلب مكتوب مدعومًا بتقارير طبية حديثة، يليها تقييم نفسي مستقل، مع الالتزام بعدم وجود منفعة مالية أو دوافع أنانية. وتم رفض نحو 28% من الطلبات المقدمة من غير السويسريين خلال العام نفسه لأسباب طبية أو عدم وجود دليل على المعاناة القصوى. وتثير هذه الظاهرة جدلًا أخلاقيًا وقانونيًا واسعًا، إذ تحذر منظمات حقوقية وأوساط طبية من تحويل «الموت الرحيم» إلى خيار اعتيادي، مؤكدين ضرورة تعزيز الرعاية النفسية والاجتماعية ودعم المرضى قبل اللجوء إلى إنهاء الحياة. ويعكس تزايد الطلب على السياحة الانتحارية في أوروبا هشاشة التوازن بين حرية الفرد في اتخاذ القرار ومعايير الأخلاق والقانون، مما يستدعي استمرار النقاش المسؤول والتشريعات التي تضمن حقوق الأفراد وتحمي القيم الإنسانية.