في مأساة بيئية وثقافية، أعلنت السلطات البلغارية، اليوم السبت، أن حرائق الغابات المستعرة في جبال الرودوبي قد التهمت شجرة «بلوط الشتاء» التاريخية، وهي واحدة من أبرز المعالم الطبيعية في البلاد، والتي يزيد عمرها عن مئات السنين، وتعد رمزًا للصمود والصلابة، وكانت تُمثل نقطة جذب سياحي بفضل جمالها الخلاب وقيمتها البيئية العالية.
واندلعت الحرائق في عدة مناطق ببلغاريا منذ منتصف يوليو، مدفوعة بموجة حر قياسية وهبوب رياح قوية، مما جعل السيطرة على النيران صعبة، ووفقًا لإدارة الحماية المدنية البلغارية، تسببت الحرائق في تدمير آلاف الهكتارات من الغابات، مما أدى إلى خسائر بيئية جسيمة وتهجير مئات السكان من القرى المجاورة.
وأظهرت صور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ألسنة اللهب وهي تلتهم الشجرة الشهيرة، وسط أعمدة دخان كثيفة غطت سماء المنطقة، حيث كانت شجرة «بلوط الشتاء»، المعروفة محليًا باسمها البلغاري، رمزًا ثقافيًا يرتبط بالتراث الشعبي، حيث كانت تُروى حولها قصص وأساطير تُمجد قوتها وقدرتها على تحمل الظروف المناخية القاسية.
وبيئيًا، ساهمت الشجرة في دعم التنوع الحيوي في المنطقة، موفرة موطنًا للعديد من الكائنات الحية، وأعربت منظمات بيئية عن حزنها العميق لفقدان هذا الرمز، داعية إلى تعزيز جهود مكافحة حرائق الغابات وحماية المعالم الطبيعية.
وتُواصل فرق الإطفاء البلغارية، بدعم من الاتحاد الأوروبي، جهودها لاحتواء الحرائق، بينما أعلنت الحكومة حالة الطوارئ في المناطق المتضررة، ويُحذر خبراء البيئة من أن تغير المناخ يزيد من شدة وتكرار حرائق الغابات، مما يهدد التراث الطبيعي في بلغاريا وأوروبا بشكل عام.
وتُعد بلغاريا، بغاباتها الكثيفة التي تغطي حوالى 35% من أراضيها، عرضة لحرائق الغابات خلال فصل الصيف، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وفترات الجفاف الطويلة، وسجلت البلاد في الصيف الحالي درجات حرارة قياسية تجاوزت 40 درجة مئوية، مما زاد من مخاطر الحرائق في مناطق مثل جبال الرودوبي وستارا بلانينا.
وأعلنت الحكومة البلغارية حالة الطوارئ في المناطق المتضررة، وطلبت مساعدة الاتحاد الأوروبي لتوفير طائرات إطفاء ودعم لوجستي، كما دعت منظمات بيئية إلى استراتيجيات طويلة الأمد للحد من تأثير تغير المناخ، مثل إعادة التشجير وتحسين إدارة الغابات.