في قلب غزة المحاصرة، حيث يختلط صوت الطائرات بالأنين الخافت للأمهات الحوامل، تتحول كل لحظة إلى رهان على الحياة، تخيل امرأة مثل نور زياد البطش، حامل في طفلها الثالث، تتوقع ولادته في مارس القادم، لكن فرحة الأمومة تحولت إلى كابوس يومي: «هذا الحمل ليس كالسابق، لم أشعر بالفرح أو أخطط لمستقبل طفلي كما فعلت من قبل، في غزة اليوم أفكر فقط في كيفية العثور على طعام للحفاظ على صحة طفلي وكيف سألد في خيمة».
الصحة العالمية تُحذر
هذه ليست قصة فردية، بل صرخة جماعية لأكثر من 40% من النساء الحوامل في القطاع، اللواتي يعانين من سوء تغذية حاد يهدد أرواحهن وأجنتهن، كما حذرت منظمة الصحة العالمية أخيرا، في ظل أزمة إنسانية تتجاوز حدود الكارثة.
تهديد إسرائيلي
يأتي ذلك بينما أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس تحذيراً نهائياً لسكان مدينة غزة، داعياً إياهم إلى الفرار جنوباً مع إعلانه أن الجيش الإسرائيلي سيعزز تطويقه المدينة.
وقال كاتس في بيان نُشر عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم (الأربعاء): «هذه هي الفرصة الأخيرة لسكان غزة الراغبين في المغادرة للتوجه جنوباً، تاركين مقاتلي حماس معزولين في المدينة». وأضاف أن من يبقون «سيُعتبرون إرهابيين أو داعمين للإرهاب».
تطويق قطاع غزة
هذا الإعلان يأتي مع تعزيز جيش الاحتلال الإسرائيلي لطوقه لمدينة غزة، إذ أصبحت الطرق الجنوبية ممراً ضيقاً مليئاً بالفخاخ، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، بينما يستمر الدمار المنهجي للأحياء السكنية، مما يدفع مئات الآلاف إلى النزوح القسري نحو مناطق «آمنة» لا توفر سوى الجوع والخوف.
أمل خافت في واشنطن
في الوقت نفسه، يلوح أمل خافت من واشنطن، إذ كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين الماضي، خطة من 20 بنداً لإنهاء الحرب، تشمل وقفاً فورياً للعمليات العسكرية، إطلاق سراح الرهائن خلال 72 ساعة، وانسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية مقابل نزع سلاح حماس وإدارة انتقالية دولية للقطاع.
ومع تزايد حالات النزيف والإرهاق بين الحوامل مثل نور، التي فقدت عائلتها كل شيء بسبب النزوح، ومع إغلاق المستشفيات ونقص الرعاية الصحية، تلوح كارثة صحية حقيقية بين ولادات مبكرة، أجنة مشوهة، وأمهات يفقدن أطفالهن قبل أن يرونهم.