يبدو أن فرنسا باتت على أعتاب أزمة سياسية جديدة، من شأنها أن تدخلها مرحلة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إذ طلب رئيس الوزراء فرنسوا بايرو تصويتاً على الثقة من الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، قد يطيح بحكومته الشهر القادم.
وفاجأ بايرو الذي يواجه صعوبات، البلاد، أمس (الاثنين)، بإعلانه أنه طلب من الرئيس إيمانويل ماكرون عقد جلسة استثنائية للبرلمان في الـ8 من سبتمبر القادم.
ويحتاج رئيس الحكومة إلى دعم برلماني لفرض إجراءات تقشف من شأنها خفض الدين العام لفرنسا، لكن أحزاب المعارضة الرئيسية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، أعلنت رفضها لخطة رئيس الوزراء.
وتزامن الإعلان مع تصاعد الدعوات لإضراب عام في 10 سبتمبر احتجاجاً على مقترح بايرو إجراء اقتطاعات في الميزانية. وأقر عدد من أعضاء الحكومة أن خطوة رئيس الوزراء محفوفة بالمخاطر.
وقال وزير العلاقات مع البرلمان باتريك ميغنولا: «نعم إننا نضع أنفسنا في موقف خطر. وما المشكلة في ذلك؟»، مضيفاً: «فرنسا تستحق ذلك».
وتحتدم المنافسة السياسية في فرنسا قبيل موعد الانتخابات الرئاسية في 2027 مع انتهاء ولاية الرئيس ماكرون الثانية.
وكانت زعيمة أقصى اليمين مارين لوبن، دعت إلى حل البرلمان، في وقت صعّد زعيم حزب «فرنسا الأبية» (أقصى اليسار) جان لوك ميلانشون، الضغط، اليوم (الثلاثاء)، معتبراً أن على ماكرون أن يستقيل إذا خسر بايرو الثقة خلال التصويت. وقال لإذاعة «فرانس إنتر» إنه سيتقدم بمقترح بحجب الثقة عن رئيس الدولة في البرلمان.
وتصاعدت دعوات متكررة للرئيس الفرنسي للاستقالة منذ حل البرلمان العام الماضي. وفي حال خسر بايرو التصويت على الثقة، سيضطر ماكرون للبحث عن رئيس وزراء سيكون السابع في عهده، ما سيرخي بظلاله على العامين المتبقيين من ولايته الرئاسية.
يذكر أن ميشال بارنييه، سلف بايرو، أقيل بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه منصبه، عندما تحالف حزب «التجمع الوطني» مع تكتل اليسار، لإسقاط حكومته بسبب ميزانية 2026.
وبعد الإفراط في الإنفاق على مدى سنوات، يتعين على فرنسا السيطرة على عجزها العام وخفض ديونها المتراكمة، وفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي.
ويريد بايرو توفير حوالى 44 مليار يورو (51 مليار دولار) من خلال إجراءات تشمل خفض أيام العطل وتجميد الزيادة في الإنفاق. وفي منتصف يوليو الماضي قدّم بايرو مقترحات ميزانية عام 2026 لكنها لم تحظَ بقبول.
ودعا وزراء اليوم إلى حل وسط، لكن آخرين قالوا إن جميع الخيارات مطروحة.
وتعهد وزير الاقتصاد إريك لومبار بالكفاح لضمان نجاة الحكومة من التصويت على الثقة 8 سبتمبر. وقال: «مسؤوليتنا هي التوصل إلى اتفاق لأن البلاد بحاجة إلى ميزانية».
وحذّر وزير الداخلية برونو ريتايو من أن إسقاط الحكومة سيضرّ بمصالح فرنسا، وحذّر من خطر حدوث أزمة مالية. وقال ريتايو، زعيم حزب «الجمهوريين»: «سيكون من غير المسؤول إغراق البلاد في أزمة مالية كبرى، ستؤثر تداعياتها أولاً على أكثر الفئات ضعفاً».
وانعكست الأزمة السياسية في بورصة باريس الثلاثاء إذ انخفض مؤشر «كاك 40» للأسهم الفرنسية الرائدة بحوالى 2% في التعاملات الصباحية. وانخفضت أسهم البنوك الفرنسية، فيما ارتفع عائد السندات السيادية الفرنسية لأجل 10 سنوات، في مؤشر على تراجع ثقة المستثمرين في ديون فرنسا.