في مشهدٍ أعاد إلى الأذهان واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في لبنان، مثُل الفنان اللبناني فضل شاكر صباح اليوم (الأربعاء) أمام رئيس محكمة الجنايات القاضي بلال الضناوي في قصر العدل في بيروت، في جلسة استجواب تمهيدية تتعلق بدوره في أحداث عبرا – صيدا التي اندلعت عام 2013، وأسفرت آنذاك عن اشتباكات دامية بين الجيش اللبناني وأنصار الشيخ أحمد الأسير.
وبحسب ما أوردته منصة ET بالعربي، فقد حضر شاكر إلى المحكمة في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحًا وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار لعناصر القوى الأمنية في محيط القصر، تحسبًا لأي طارئ.
وقد اقتصرت الجلسة على إجراءات شكلية وروتينية، شملت التحقق من هويته الرسمية، وتثبيت اسم محاميه الممثل عنه، وطرح مجموعة من الأسئلة الإجرائية المتصلة بالاستعداد للمحاكمة. وسأله القاضي عما إذا كان قد تعرّض لأي ضغوط أو تهديدات قبل مثوله أمام المحكمة، قبل أن يُسمح له بمغادرة القاعة دون أي إجراء إضافي.
وأعلن القاضي الضناوي خلال الجلسة أن المحاكمة الرسمية ستُعقد في 15 ديسمبر (كانون الأول) القادم، حيث من المقرر أن تبدأ خلالها المرحلة الجوهرية من النظر في الملف بعد سنوات من المماطلة والتأجيلات القانونية.
ورغم مرور أكثر من عقد على أحداث عبرا، لا يزال الملف القضائي مفتوحًا بانتظار صدور حكم نهائي، وسط تضارب الروايات حول حقيقة الدور الذي لعبه الفنان خلال تلك المواجهات.
ففي الوقت الذي تتهمه بعض الجهات بدعم المسلحين وتوفير غطاء إعلامي وشعبي لهم، كان شاكر يؤكد في كل ظهور إعلامي أنه بريء من أي تهمة تتعلق باستخدام السلاح أو التحريض على العنف، قائلاً إن دوره كان «مدنيًا وإنسانيًا»، وإنه لم يشارك يومًا في أي عمل عسكري.
وكان فضل شاكر قد سلّم نفسه طوعًا قبل أسابيع إلى قوة تابعة لاستخبارات الجيش اللبناني عند حاجز الحسبة المؤدي إلى مخيم عين الحلوة في صيدا، بعد سنوات من التواري داخل المخيم، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن الفنان بدا هادئًا ومبتسمًا أثناء تسليمه نفسه، وكان يسير على قدميه بثقة ويتحدث مع مرافقيه بنبرة تفاؤل، في مشهد أثار فضول الصحافة اللبنانية التي غطّت الحدث بشكل واسع.
وفي سياق متصل، تداولت وسائل إعلام لبنانية أنباءً عن احتمال إغلاق ملف فضل شاكر نهائيًا قبل نهاية العام الحالي، في حال أُعيد تصنيف التهم الموجهة إليه ضمن خانة «المخالفات غير الجنائية»، ما قد يمهّد لبدء صفحة جديدة في حياته الفنية بعد سنوات من العزلة والجدل.
القضية التي تحولت إلى رمز للجدل بين الفن والسياسة في لبنان، تعود جذورها إلى عام 2013 عندما تورط أحمد الأسير ومجموعة من أنصاره في اشتباكات مسلحة مع الجيش اللبناني في منطقة عبرا شرق صيدا. وقد أدى ذلك إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، وأُصدرت لاحقًا مذكرات توقيف بحق عدد من المشاركين من بينهم فضل شاكر الذي كان من أقرب المقربين إلى الأسير في تلك الفترة.
وخلال السنوات الماضية، حاول شاكر عبر تصريحات إعلامية متكررة تبرئة نفسه من الاتهامات، مؤكدًا أنه لم يحمل السلاح يومًا وأنه انسحب من المشهد السياسي والديني نهائيًا بعد إدراكه لحجم ما سببه الانقسام من أضرار شخصية ومهنية.
كما عبّر في أكثر من مناسبة عن رغبته في العودة إلى الساحة الفنية وفتح صفحة جديدة مع جمهوره، قائلاً في أحد تصريحاته السابقة: «أنا فنان قبل أن أكون أي شيء آخر، وأتمنى أن أُحاسب كإنسان، لا كعنوان سياسي».
ورغم الانقسام الحاد في الشارع اللبناني بين من يطالب بإغلاق ملفه ومن يرى ضرورة استكمال محاكمته، يبقى فضل شاكر -كما تصفه الصحافة- بين الفن والقانون، في منطقة رمادية لم تنته فصولها بعد.