يعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في عام 1922 واحداً من أعظم الإنجازات الأثرية في القرن العشرين، لكن دراسة حديثة أجرتها جامعة القاهرة تُحذر من أن هذا الموقع التاريخي البالغ عمره 3300 عام يواجه خطر الانهيار بسبب تصدعات هيكلية وتدهور بيئي.
**media«2603877»**
وكشفت الأبحاث ظهور شقوق كبيرة في صخور المقبرة، تهدد بتدميرها، إلى جانب ارتفاع مستويات الرطوبة التي تتسبب في تقشير الجداريات النفيسة ونمو الفطريات التي تؤدي إلى تآكلها.
**media«2603878»**
تصدعات وفيضانات
وأوضحت الدراسة التي أجراها أستاذ الحفاظ على التراث المعماري بجامعة القاهرة البروفيسور سيد حمادة أن شقاً رئيسياً يمتد عبر سقف مدخل المقبرة وغرفة الدفن، ما يسمح بتسرب مياه الأمطار من الأعلى.
هذه المياه تؤدي إلى تآكل التفاصيل المعقدة للجداريات وتُضعف استقرار المقبرة الهيكلي. وبما أن المقبرة مبنية من حجر الإسنا الطيني، الذي يتمدد وينكمش مع تغيرات الرطوبة، فإن الرطوبة المتزايدة تجعل الانهيار خطراً حقيقياً.
وأشار حمادة في تصريح إلى صحيفة «ديلي ميل» إلى أن «المقابر الملكية في وادي الملوك تحتاج إلى تدخل عاجل ودراسات علمية دقيقة لتحليل المخاطر ووضع خطط للحد منها».
وأضاف أن الضغط الشديد على الصخور الهشة قد يؤدي إلى ظاهرة «انفجار الصخور»، وهي انهيار مفاجئ للجدران قد يدمر الموقع.
**media«2603876»**
الفيضانات.. تهديد مستمر
وتقع مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك غرب مدينة الأقصر، وهي إحدى أصغر المقابر في المنطقة، لكن موقعها العميق داخل الصخور يجعلها عرضة للفيضانات المفاجئة.
وشهدت المنطقة أسوأ فيضان في أكتوبر 1994، عندما غمرت المياه معظم المقابر الملكية، بما في ذلك مقبرة توت عنخ آمون، ما تسبب في فتح شقوق جديدة، ورفع مستويات الرطوبة، وتحفيز نمو الفطريات التي أضرت بالجداريات التاريخية. ويوضح «حمادة» أن هذا الفيضان كان نقطة تحول في سلامة المقبرة الهيكلية.
**media«2603875»**
التحديات الجيولوجية
كما يواجه وادي الملوك، الذي يضم العديد من المقابر الملكية، تحديات جيولوجية كبيرة بسبب طبيعة الصخور المحيطة.
وأشار أستاذ الحفاظ المعماري بكلية الآثار بجامعة القاهرة البروفيسور محمد عطية هواش، في تصريحات إلى صحيفة «إندبندنت عربية»، إلى أن الجبال المحيطة تعاني من شقوق واسعة قد تؤدي إلى انهيار كتل صخرية كبيرة على المقابر القريبة، وأضاف: «كارثة قد تحدث في أي لحظة، ويجب اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على وادي الملوك قبل فوات الأوان».
وعلى الرغم من تأكيد «حمادة» أن المقبرة «لن تنهار في المستقبل القريب»، إلا أن الأضرار الحالية تهدد استدامتها على المدى الطويل، كما يحذر الخبراء من أن فيضاناً آخر قد يؤدي إلى أضرار جسيمة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية.
ومع ذلك، يُعرب الباحثون عن قلقهم من قلة التخطيط لمواجهة هذه المخاطر، ما يعرض هذا الموقع الأثري الفريد للخطر.
وتُعد مقبرة توت عنخ آمون، التي اكتُشفت عام 1922 بواسطة عالم الآثار هوارد كارتر، كنزاً أثرياً عالمياً بفضل محتوياتها الغنية، بما في ذلك القناع الذهبي الشهير والجداريات المزخرفة التي تصور حياة الفرعون الشاب.
ومع ذلك، فإن موقعها في وادي الملوك، الذي يتعرض لظروف مناخية قاسية، يجعلها عرضة للتدهور. وتشير الدراسات إلى أن التغيرات المناخية، بما في ذلك زيادة هطول الأمطار الغزيرة، قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة.
دعوات للحفاظ على التراث
ويطالب الخبراء بتدخل دولي وعاجل لحماية المقبرة، بما يشمل تعزيز هيكلها، وتحسين أنظمة تصريف المياه، واستخدام تقنيات حديثة للحد من نمو الفطريات، كما يدعون إلى إجراء دراسات جيولوجية شاملة لتقييم استقرار المنطقة المحيطة ومنع الكوارث المستقبلية.



