للمرة الثالثة، أصدر القضاء الفرنسي، اليوم (الخميس)، مذكرة توقيف دولية جديدة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد بتهمة شن هجمات كيميائية فتاكة في 2013.
وأكد مصدر قضائي فرنسي، أن قضاة في باريس وقعوا هذه المذكرة بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتواطؤ في جرائم حرب في 29 يوليو، أي بعد بضعة أيام من إلغاء القضاء الفرنسي مذكرة أولى في هذا الملف، وفي اليوم نفسه، طلبت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب المعنية بالجرائم ضد الإنسانية، إصدار مذكرة جديدة.
مذكرات توقيف سابقة
وكانت محكمة النقض ألغت في 25 يوليو المذكرة الأولى التي صدرت في نوفمبر 2023 باسم الحصانة المطلقة التي يتمتع بها رئيس دولة أثناء ممارسته مهماته، بما أن الأسد كان لا يزال في السلطة يومها، لكن المحكمة الأعلى في القضاء الفرنسي أوضحت أنه يمكن إصدار مذكرات توقيف أخرى، كون الأسد أطيح به في 8 ديسمبر 2024.
ونُفذت هذه الهجمات الكيميائية المنسوبة إلى النظام السوري في 5 أغسطس 2013 في عدرا ودوما وخلفت 450 جريحا، ثم في 21 أغسطس في الغوطة الشرقية وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص بغاز السارين، وفق الاستخبارات الأمريكية.
وكانت المحاكم الفرنسية أصدرت سابقا مذكرتي توقيف أخريين تستهدفان الأسد الذي يعيش حالياً في روسيا، إحداهما في 20 يناير 2025 بتهمة التواطؤ في جريمة حرب، لقصف منطقة سكنية مدنية في درعا (جنوب غرب سوريا) العام 2017، فيما صدرت مذكرة توقيف أخرى في 19 أغسطس بتهمة التواطؤ في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتتعلق بقصف مركز لصحفيين في حمص (وسط) العام 2012، والذي أسفر عن مقتل المراسلة الأمريكية ماري كولفين والمصور الفرنسي المستقل ريمي أوشليك.
الشرطة الجنائية الدولية
وأصدر القضاء السوري نهاية شهر سبتمبر الماضي (2025)، مذكرة توقيف غيابية بحق الأسد، تمهيداً لمتابعة القضية دولياً عبر منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول).
وتشمل المذكرات السابقة أيضاً الأسد وأخاه ماهر (قائد الفرقة الرابعة المدرعة)، والجنرال غسان عباس (مدير مركز الدراسات والبحوث العلمية SSRC، المسؤول عن برنامج الأسلحة الكيميائية)، والجنرال بسام الحسن (مستشار رئاسي للأمن).
وأكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) مسؤولية النظام السوري عن هذه الهجمات، رغم نفي دمشق التهم وادعائها أنها عمل معارضين لاستدراج التدخل الخارجي.
سابقة تاريخية
تُعد هذه المذكرة الثالثة سابقة تاريخية، إذ هي الأولى ضد رئيس دولة سابق في سياق جرائم كيميائية، وتعزز مبدأ الاختصاص العالمي في فرنسا، الذي يسمح بمحاكمة جرائم الحرب بغض النظر عن الموقع، وبحسب خبراء قانونيين : تثبت هذه المذكرة مسؤولية الأسد الشخصية في سلسلة القيادة، وتفتح الباب لمحاكمة غيابية قد تُصدر حكماً بالسجن 20 عاماً أو أكثر، كما أنها تأتي في سياق حملات أوروبية أوسع.
وفي ألمانيا و السويد، صدرت شكاوى مشابهة، وفي مارس 2025، حُكم على رفعت الأسد عم الرئيس السوري السابق، بالسجن المؤبد في سويسرا بتهمة مذبحة حماة 1982.
وطالب الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع خلال زيارته إلى موسكو الأسبوع الماضي، بتسليم الأسد لمحاكمته، وفق ما أفادت حينها وزارة الخارجية.