كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس أن حبوب منع الحمل الفموية قد تُحدث تغييرات طفيفة في أدمغة النساء، ما يزيد من احتمالية شعورهن بالحزن، التهيج، وتقلبات المزاج.
وأظهرت الدراسة أن هذه الحبوب تؤثر على الدوائر الدماغية المسؤولة عن تنظيم العواطف والمزاج، ما قد يفسر سبب معاناة بعض النساء من آثار نفسية سلبية عند بدء استخدامها، بينما تشعر أخريات بتحسن ملحوظ.
شاركت في الدراسة 26 امرأة تتراوح أعمارهن بين 20 و33 عاماً، وكُنَّ يعانين من أعراض مزاجية سلبية أثناء استخدام موانع الحمل الهرمونية.
وتم تقسيم التجربة إلى مرحلتين: في الأولى، تناولت المشاركات حبوب منع الحمل لمدة 18 إلى 21 يوماً، وفي الثانية، وبعد دورة شهرية كاملة، تناولن حبوباً وهمية.
خلال المرحلتين، خضعت النساء لفحوصات تصوير دماغي وظيفي (fMRI) أثناء الراحة، وأبلغن عن حالتهن المزاجية باستخدام سجل شدة المشكلات اليومية (DRSP)، وهي أداة سريرية لتقييم اضطرابات المزاج المرتبطة بالدورة الشهرية.
وأكدت تحاليل الدم انخفاض مستويات الهرمونات التناسلية خلال مرحلة الحبوب، ما يثبت فعاليتها في منع الإباضة.
واستخدم الباحثون تقنية جديدة تُسمى «بصمة الاتصال الوظيفي» لدراسة التواصل بين مناطق الدماغ، ووجدوا أن نشاط أدمغة النساء أصبح أكثر تشابهاً أثناء تناول الحبوب، ما قلل من السمات الفريدة التي تميز كل فرد.
وتأثرت شبكات دماغية رئيسية، مثل التحكم التنفيذي (المسؤول عن التخطيط وتحقيق الأهداف)، المعالجة الحسية الحركية (التي تتحكم في الحركات الإرادية)، اكتشاف الأهمية (القدرة على تمييز التفاصيل المهمة)، وشبكة الوضع الافتراضي (النشطة عندما يكون الدماغ في حالة راحة).
وأفادت النساء بزيادة في الأعراض المزاجية السلبية أثناء تناول الحبوب، وارتبطت هذه الأعراض بـ13 اتصالاً محدداً بين مناطق دماغية مثل القطب الأمامي، التلفيف الأمامي العلوي، القشرة الحزامية الخلفية، والبريكونيوس، وهي مراكز رئيسية لمعالجة العواطف.
وتشير هذه النتائج إلى وجود شبكة دماغية حساسة للهرمونات قد تكون مسؤولة عن الحزن والتهيج، وربما ترتبط بحالات مثل اضطراب ما قبل الحيض الاكتئابي (PMDD)، وهو شكل حاد من متلازمة ما قبل الحيض يسبب أعراضاً مثل الألم، الغثيان، تقلبات المزاج، وحتى الأفكار الانتحارية.
وتعمل حبوب منع الحمل عن طريق تثبيط إنتاج الهرمونات التناسلية الطبيعية، واستخدمت الدراسة تركيبة شائعة تحتوي على الإستروجين الصناعي والليفونورجيستريل (البروجستين الصناعي).
ومع ذلك، كانت الدراسة محدودة بحجم العينة الصغير (26 امرأة فقط) ومدة التجربة القصيرة (بضعة أسابيع)، لكن الباحثين يأملون أن تؤكد دراسات أكبر وأطول أمداً ما إذا كانت هذه التأثيرات مستمرة مع الاستخدام الطويل.