صُدمت محافظة الجيزة المصرية أمس (الأحد) بخبر جريمة مروعة هزت المنطقة، بعد فقد أم وثلاثة من أبنائها حياتهم بشكل مأساوي، إثر تعرّضهم لمادة سامة استُخدمت من صيدلية بيطرية يملكها الجاني، في حادثة وصفها السكان بالفظاعة.
وهزت الجريمة البشعة أرجاء منطقة اللبيني بفيصل، حيث عُثر على جثمان طفل يبلغ من العمر 11 عاماً، بجوار شقيقته البالغة 13 عاماً في حالة إعياء شديد، أمام مدخل عقار هادئ قريب من مدرسة الفرقان.
الطفلان هما «سيف» و«جنى»، ابنان لعائلة تعيش في أحد أحياء الجيزة الشعبية، ووفقاً لتحريات الشرطة الأولية فإن مجهولين داخل مركبة «توك توك» ألقوا بهما في الشارع، قبل أن يفرّا هاربين تاركين لغزاً يحيّر التحقيقات.
صباح دامٍ عند مدخل عقار
بدأت القصة ببلاغ عاجل تلقته مديرية أمن الجيزة، أمس الأول (السبت) من قسم شرطة الهرم يفيد بـ«إلقاء طفل وطفلة من «توك توك» عند مدخل عقار أمام مدرسة بمنطقة الـ16 عمارة بآخر شارع فيصل، منطقة اللبيني».
انتقلت قوات الأمن فوراً إلى المكان، لتكتشف مشهداً مروعاً تمثل في جثة الطفل «سيف» هامدة تماماً، بينما كانت شقيقته «جنى» تكافح من أجل الحياة، مصابة بتجمع دموي في البطن وإصابات متعددة أخرى، في حالة غيبوبة وإعياء شديد.
مأساة سيف وجنى
على الفور أسرعت سيارة الإسعاف بنقل «جنى» إلى مستشفى الهرم، بينما نُقل جثمان «سيف» إلى المشرحة تحت تصرف النيابة العامة لإجراء الكشف الطبي الشرعي.
لكن «جنى» فارقت الحياة بعد ساعات قليلة من وصولها إلى المستشفى، متأثرة بإصابتها البالغة.
ووفقاً للتقارير الطبية الأولية، أظهرت التحاليل أن «سيف» تُوفي نتيجة تأثير سموم، بينما كانت «جنى» تعاني من إصابات عنيفة تشير إلى اعتداء جسدي.
كابوس حي
شهود عيان وصفوا المشهد بأنه «كابوس حي»، إذ توقف الـ«توك توك» للحظات قصيرة أمام المدخل، ثم ألقى سائقه الطفلين كأنهما نفايات، قبل أن ينطلق مسرعاً في الشوارع الضيقة.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر تداولوا صور الطفلين، ما أثار موجة من الغضب والدعوات للكشف السريع عن الجناة.
اختفاء مريب
بدورها كشفت التحريات الأولية عن خيوط عائلية معقدة، إذ يعود الأمر إلى نحو 20 يوماً مضت، عندما تشاجرت والدة الطفلين مع زوجها، واصطحبت أبناءها الثلاثة؛ سيف، وجنى، والأخ الأصغر مصطفى (نحو 5 سنوات)، واختفت من منزل الزوجية دون أثر.
مصادر أمنية أكدت أن الأم ليست «مخطوفة» كما تداول البعض، بل غادرت المنزل طوعاً بعد خلافات أسرية، لكن اختفاءها مع الطفل الثالث يثير الشكوك في تورطها، أو في وجود خلافات أعمق.
«سيف» كان طالباً في المرحلة الإعدادية، و«جنى» في الصف السادس الابتدائي بمعهد الفرقان، وكان لديهما محضر تغيّب عن المدرسة يعود إلى تاريخ الاختفاء، ما يدعم رواية الشجار العائلي.
الوالد الذي يُحقق معه حالياً نفى أي علم بالأمر، لكن الشرطة تشك في سلوكه غير الطبيعي أثناء التحقيق.
إجراءات أمنية
وأوضحت الأجهزة الأمنية أنه بإجراء التحريات وجمع المعلومات أمكن تحديد وضبط مرتكب الواقعة، وهو مالك محل لبيع الأدوية البيطرية، مقيم بالجيزة، وبمواجهته اعترف بسابقة وجود علاقة بينه وبين والدة الطفلين، وإقامتها وأنجالها الثلاثة برفقته بشقة مستأجرة كائنة بدائرة القسم.
وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن المتهم ذكر أنه اكتشف خلال تلك الفترة سوء سلوكها، وأنه في 21 أكتوبر قام بوضع مادة سامة تحصل عليها من المحل المملوك له بكوب عصير وقدمه لها، وحال شعورها بحالة إعياء قام بنقلها لأحد المستشفيات وتُوفيت، وادعى أنها زوجته وقام بتسجيل بياناته باسم مستعار وتركها وانصرف.
وكشفت التحقيقات أن المتهم قرر يوم الجمعة الماضي التخلص من أنجالها الثلاثة، إذ اصطحبهم للتنزه ووضع المادة السامة داخل عصائر وقدمها لهم، إلا أن أصغرهم رفض تناولها فتخلص منه بإلقائه بالمجرى المائي بإحدى الترع بدائرة القسم وتم انتشال جثمانه.
وأوضحت التحقيقات أن المتهم عاد إلى مسكنه برفقة الطفلين وكانا في حالة إعياء شديد فقام بنقلهما بالاستعانة بأحد العاملين لديه بالمحل وقائد مركبة «توك توك» للمكان الذي تم فيه العثور عليهما.
من جانبها تولت النيابة العامة التحقيق، وأمرت بتشريح الجثتين لتحديد سبب الوفاة بدقة، وسط توقعات بالكشف عن تفاصيل أكثر دموية.
غضب شعبي
وأثارت الحادثة موجة من الغضب على مواقع التواصل وتصدرت «الترند»، ومطالبات بحماية الأطفال وتشديد العقوبات على الجرائم العائلية، كما دعت منظمات حقوق الطفل إلى حملة توعية فورية لمكافحة تلك الجرائم.



