جاء «الدليل المعرفي لليوم الوطني الـ95» الذي أصدرته دارة الملك عبدالعزيز أخيرًا ليقدّم صورة شاملة عن تاريخ الدولة السعودية، مستعرضًا بين صفحاته قصصًا ومواقف نادرة تكشف عمق التجربة الوطنية منذ عهد الملك المؤسس وحتى الحاضر. وقد تميّزت النسخة الحالية بإبرازها لعدد من الأحداث اللافتة التي ارتبطت بمسيرة الملوك وجهودهم في خدمة الوطن والدين، وهو ما يجعل من الدليل سجلًا معرفيًا ثريًا وموثوقًا.
ومن بين القصص البارزة التي أفرد لها الدليل مساحة خاصة، قصة الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – مع الحجر الأسود 1932م. فبعد أن عادت إحدى القطع المسروقة من الحجر إلى الحرم المكي، قرر الملك المؤسس أن يتحمّل بنفسه مسؤولية إعادتها إلى موضعها في الكعبة المشرّفة. دخل المسجد الحرام وسط جموع من العلماء والأهالي، يحمل بين يديه القطعة النفيسة بكل خشوع، فتقدّم للصلاة عند مقام إبراهيم أولًا، ثم سار بخطى واثقة نحو الكعبة، ليضع الحجر بيديه الكريمتين في مكانه الأصلي. كان المشهد مهيبًا بكل تفاصيله: قائدٌ يرسّخ بفعله معنى أن خدمة الحرمين أمانة قبل أن تكون شرفًا، وأن حماية المقدّسات رسالة تلازم الدولة السعودية منذ نشأتها. وقد تحوّل ذلك الموقف إلى رمز خالد في الذاكرة الوطنية والإسلامية، يجمع بين الهيبة الدينية والعظمة السياسية، ويعكس صورة الملك المؤسس كقائد موحِّد وحارس للمقدّسات.
وإلى جانب هذه القصة، يضم الدليل بين طياته شواهد أخرى عن جهود ملوك المملكة في تثبيت أركان الدولة، وإصلاح المجتمع، وإطلاق مسيرة التنمية التي بلغت اليوم ذروتها في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. كما يحتوي على وثائق وصور ووقائع تسلّط الضوء على التحولات الكبرى التي مرت بها البلاد، لتجعل من الدليل مادة معرفية توثق الذاكرة الوطنية وتغرس في الأجيال قيمة الانتماء والفخر بتاريخهم.
كما تضمن «الدليل المعرفي لليوم الوطني» بين صفحاته وثائق تاريخية أصيلة، ومعلومات محدثة، وأرقامًا موثوقة تعكس حجم التحوّلات التي شهدتها المملكة في مختلف الميادين. وجاءت مادته غنية بكلمات ومقتطفات من مسيرة القادة والملوك، إلى جانب شواهد دقيقة تحفظ تفاصيل الأحداث وتوثّقها للأجيال. ويؤكد الدليل في جوهره مكانة دارة الملك عبدالعزيز بوصفها ذاكرة الوطن، بما تمتلكه من أرشيف تاريخي ومصادر معتمدة تجعلها مرجعًا لا غنى عنه للباحثين والمهتمين بتاريخ الدولة السعودية وعمقها الحضاري.