أعلنت القائمة بأعمال مديرة ناسا، جانيت بيترو، أن الوكالة لن تتمكن من إطلاق رحلة مأهولة إلى المريخ خلال السنوات الخمس القادمة مع ضمان بقاء رواد الفضاء على قيد الحياة، مشيرة إلى أن هذا الهدف غير واقعي في الوقت الحالي، في ظل الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتسريع خطط الوصول إلى الكوكب الأحمر.
وكانت «ناسا» تستهدف إرسال رحلة رواد فضاء إلى المريخ بحلول أواخر ثلاثينات القرن الحالي أو أوائل الأربعينات، لكن هذه الرحلة تتطلب حلولاً مبتكرة لمشكلات لم يتم التغلب عليها بعد، أبرزها حماية الرواد من الإشعاع الكوني، وضمان توفير الغذاء والماء لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وتطوير أنظمة هبوط قادرة على إيصال مركبات ضخمة إلى سطح المريخ بأمان، وهو ما وصفته بيترو بقولها: «نستطيع إرسال البشر إلى المريخ، لكن ضمان عودتهم أحياء هو التحدي الحقيقي الذي نواجهه الآن» وفقاً لما نشرته صحيفة «Politico».
تأتي هذه التصريحات في سياق طموح إدارة ترمب الجديدة، التي تولت السلطة في يناير 2025، لتحقيق إنجاز تاريخي بإرسال البشر إلى المريخ، وهو هدف أعلنه الرئيس في خطاب تنصيبه عندما قال: «سنطلق رواد فضاء أمريكيين ليزرعوا النجوم والخطوط على كوكب المريخ»، كما يدعم هذا الهدف الملياردير إيلون ماسك، الذي يرأس فريق «إدارة الكفاءة الحكومية» غير الرسمي، ويتوقع إطلاق مهمة مأهولة عبر شركته SpaceX بحلول 2030 باستخدام صاروخ Starship.
وتشير التقارير العلمية إلى أن الإشعاع الكوني يشكل أحد أكبر المخاطر، إذ يتعرض الرواد لجرعات إشعاعية قد تصل إلى 1 سيفرت خلال الرحلة ذهاباً وإياباً والبقاء على المريخ لمدة 500 يوم، وهو ما يتجاوز الحدود الآمنة التي حددتها «ناسا»، كما أن تكنولوجيا الهبوط الحالية، التي نجحت في إنزال مركبات مثل «برسيفرنس» (1 طن)، غير قادرة على التعامل مع مركبات مأهولة تزن بين 50 و100 طن، ما يتطلب ابتكارات مثل الدروع الحرارية القابلة للنفخ التي لا تزال قيد التطوير.
وتتمتع «ناسا» بتاريخ طويل في استكشاف المريخ، بدءاً من تحليق «مارينر 4» 1965، وصولاً إلى المركبات الجوالة مثل «كيوريوسيتي» 2012 و«برسيفرنس» 2021، التي قدمت بيانات غير مسبوقة عن التربة والمناخ المريخي، لكن الرحلات المأهولة تظل طموحاً أكثر تعقيداً، وفي 2019، حذرت لجنة مستقلة من أن هدف الوصول إلى المريخ بحلول 2033 غير قابل للتحقيق بسبب القيود المالية والتقنية، وهو ما يتماشى مع تقييم بيترو الحالي.
وأثارت تصريحات بيترو جدلاً بين خبراء الفضاء، إذ اعتبرها البعض تأكيداً على حذر «ناسا» العلمي، بينما رأى آخرون أنها قد تُظهر تراجعاً أمريكياً أمام طموحات الصين، التي تخطط لإطلاق مهمات مأهولة إلى القمر بحلول 2030 واستكشاف المريخ في العقد نفسه، كما أثارت التصريحات تساؤلات حول دور SpaceX، التي تعمل بالتعاون مع «ناسا» ولكنها تتبنى جدولاً زمنياً أكثر جرأة.