ثمة من وجد نافذةً
في الحربِ تلفظُ أنفاسَها الأخيرة
عرف أنها الوحيدة التي رأته يصعدُ ليلًا
ويهبطُ فوق ظلالِ ضلوعه:
مُثقلًا بأرواحِ أطفالهِ الذين
أُخذوا عُنوةً
من صورٍ علقتها بعضُ الجدرانِ
على صدورها المشقوقة
***
إنّ أحدًا من الموتى
صعد برفقةِ ظِـلّه
لم يحنِ رأسه
لم يمشِ منكسرًا
بل مضى ضِدًّا
للآخذينَ طريقَ العودةِ
من بابِ الخروج
***
دفنوا الذاكرةَ صباحًا
أسفل عتبةِ بيتنا القديم..
لم يُشرْ جدّي عليهم
أن يلصقوها بجثتهِ
أو يمنحوها جُرعةَ مورفين
كي تفيقَ، حين يُتاح لها
أن تفيق..
وقد صارت عُشبًا نديًّا
فوق ذراعِ الأرضِ
المشبعةِ بالنومِ
أو سُنبلةً في قبضةِ الغبارِ
لا تحمل حقدًا للأقدامِ؛
وهي تدهسها بأحذيةٍ غليظة!
***
كانت لها عينانِ
من بحرْ
يدانِ
من قواربِ صيدْ
قبل أن يجلِسَها الماءُ
عند الركبتين
تقول للشيءِ
من (ناطقِ) الضوءِ:
كُن؛
فهل يأبى
ألّا يكون؟!
***
لستُ جيدًا
في التقاطِ صورةٍ لنفسي
وأنا أدخلُ غُرفةَ الكتابةْ؛
فيدي مشغولةٌ
بنزعِ الجثـةِ العالقةِ
في معطفي،
وخياطةِ النافذةِ التي
مزّقتها الكآبةْ
***
عندما أعود لأمي
آخرَ المعركةِ،
أكون قد قطعتُ وعدًا
بأن أغلق الثلاجةَ
قبل نومي برفقٍ شديد،
خلف عظامِ جُثتها؛
حتى لا تتحطمَ
من طقطقةِ الباب.
***
تتراكم المقابرُ
فوق ذاكرةِ الطريقِ،
تأخذُ الساقُ ذراعَ الوردةِ
من بين الحطامِ..
وتمضيان
لا شيء يمسح عِطرها،
وهي تبكي
كساقيةٍ بلا نهر
لا شيء إلا
من يُقلّد عُريها النسويّ
تاجًا من فصوصِ الجمرِ
ويترك، في صمتٍ، ورقةَ الدمعِ
تستر عُريَ أُمومةٍ تنهار!