رجحت مصادر غربية إمكانية أن توافق أوكرانيا على التنازل عن أراضٍ تسيطر عليها روسيا بالفعل، مقابل وقف القتال. وكشفت صحيفة «التلغراف» البريطانية، أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبلغ القادة الأوروبيين بضرورة رفض أي تسوية يقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتي تتخلى فيها أوكرانيا عن المزيد من الأراضي، ولكن مع إمكانية السماح لروسيا بالاحتفاظ ببعض الأراضي التي استولت عليها.
وحسب مراقبين، فإن هذا يعني تجميد خط المواجهة كما هو، ومنح روسيا السيطرة الفعلية على الأراضي التي تحتلها في مقاطعات لوغانسك، ودونيتسك، وزابوريجيا، وخيرسون، وشبه جزيرة القرم.
وحسب الصحيفة، فإن تخفيف الموقف التفاوضي يأتي قبيل محادثات بين ترمب وبوتين في ألاسكا الجمعة. وقال مسؤول غربي، واصفا عطلة نهاية أسبوع محمومة من الدبلوماسية بين كييف وحلفائها: «لا يمكن ربط الخطة إلا بالمواقف الحالية للجيشين».
ويتزايد قلق أوكرانيا وأوروبا من إمكانية أن يتفاوض ترمب وبوتين على إنهاء الحرب الدائرة منذ فترة طويلة. ومن أبرز المخاوف الأوروبية خطة السلام المزعومة التي أقرّتها موسكو، وتضمنت تجميد خطوط المواجهة في جنوب شرقي أوكرانيا إذا وافقت كييف على الانسحاب من مناطق دونيتسك ولوغانسك التي تسيطر عليها.
واعتبر زيلينسكي مساء الإثنين، أنه لا توجد أي مؤشرات على استعداد روسيا لإنهاء الحرب رغم محادثات السلام الوشيكة. وأبلغ القادة الأوروبيين أن الأراضي الأوكرانية الخاضعة لسيطرة روسيا قد تكون مطروحة على طاولة محادثات السلام.
وذكرت «التلغراف» أن أوكرانيا تبدو راضية عن التنازل عن بعض الأراضي، إلا أنها لن توافق إلا على تسوية سلمية توفر ضمانات أمنية قوية في شكل توريد أسلحة وفتح الطريق أمام انضمامها إلى «الناتو».
وينتظر أن يُجري القادة الأوروبيون محادثات مع ترمب غدا (الأربعاء) لعرض وجهة نظرهم عليه. وكان ترمب أعلن أنه سيكون هناك «بعض التبادلات، وبعض التغييرات في الأراضي»، مضيفًا: «لقد احتلت روسيا جزءا كبيرا من أوكرانيا. سنحاول استعادة بعض تلك الأراضي لأوكرانيا».
ويعتقد مسؤولون أوروبيون أن زيلينسكي يتمتع بمساحة مناورة مع عدد متزايد من الناخبين الذين سيقبلون التنازل عن الأراضي لموسكو ثمنًا لإنهاء الحرب.
لكن كييف لا تستطيع تحمّل التنازل عن المزيد من الأراضي خصوصا في منطقة دونيتسك الشرقية، لأن ذلك سيسمح لقوات موسكو بتجاوز التحصينات التي شُيّدت منذ حرب دونباس الأولى عام 2014.
وترى الصحيفة البريطانية، أن زيلينسكي سيُضطر إلى القيام بمناورة، إذ سيُمنع بموجب دستور بلاده من التنازل عن الأراضي دون استفتاء شعبي.
وانتقد ترمب نظيره الأوكراني لرفضه التنازلات، قائلاً: «لقد انزعجت قليلا من قول زيلينسكي: حسنا، عليّ الحصول على موافقة دستورية. أعني، لديه موافقة على خوض الحرب وقتل الجميع، لكنه يحتاج إلى موافقة لإجراء تبادل للأراضي».
يذكر أنه عندما سيطرت قوات أوكرانية على مناطق في مقاطعة كورسك الروسية، طرح زيلينسكي فكرة تبادل الأراضي، لكن موسكو تمكنت من كسر سيطرة كييف على المنطقة الحدودية، منهيةً بذلك ورقة المساومة.
وأقرّ زيلينسكي سابقا بافتقار قواته المسلحة للقدرات اللازمة لاستعادة الأراضي التي تسيطر عليها موسكو، ولكن بعد أي تسوية، يمكن لكييف استخدام الوسائل الدبلوماسية لاستعادة سيطرتها على تلك الأراضي.
وتحتل روسيا حاليا نحو 20% من أراضي أوكرانيا، وفقا لما هو متفق عليه بموجب حدود كييف المعترف بها دوليا لعام 1991.