
توصية بتمكين المجتمع المدني وحمايته من التسييس عبر شراكات فاعلة وتمويل مستدام
توسيع مساحة عمل المجتمع المدني وتنويع مصادر التمويل لضمان الاستدامة
تعزيز دور المجتمع المدني كشريك تنموي مستقل وقادر على مواجهة التحديات الراهنة
اختتمت أمس الأربعاء في العاصمة عمّان أعمال الملتقى السنوي الخامس لهيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم”، والذي عقد تحت عنوان “المجتمع المدني: نحو استقلالية فاعلة وشراكات متوازن”، بمشاركة خبراء محليين ودوليين معنيين بحقوق الإنسان وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية.
افتتح الملتقى منسق هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم” أحمد عوض، موضحاً أن الملتقى لعام 2025 يتناول قضايا استقلالية المجتمع المدني ودوره كشريك في التنمية وصنع السياسات، من خلال ثلاث جلسات رئيسية ركزت على تحديات الاستقلالية والاستدامة في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.
وأشار عوض إلى أن الحرب على غزة وما تبعها من تحولات سياسية زادت من محاولات تسييس التمويل والضغط على أولويات المجتمع المدني، داعياً إلى تحصين استقلاليته عبر تنويع مصادر التمويل وبناء شراكات عادلة وشفافة. وأكد أن الاستقلالية لا تعني الانعزال، بل تعني حرية اتخاذ القرار الوطني القائم على الشفافية والمساءلة.
من جانبه، شدد أمين عام سجل الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية، ناصر الشريدة، على أن استقلالية المجتمع المدني تمثل ركناً أساسياً لحماية حقوق الإنسان وتحقيق التنمية، معلناً انتهاء اللجنة الفنية من إعداد مسودة قانون معدل لقانون الجمعيات لتعزيز الحوكمة والشفافية.
وأكد رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان (تونس)، عبد الباسط حسن، أن ضعف الاعتراف بالمجتمع المدني كفاعل رئيسي ينعكس سلباً على السياسات العامة، داعياً إلى اعتبار التمويل العمومي والذاتي حقاً وليس منّة.
كما شددت تمارا الخزوز، خبيرة الاتصال السياسي والاستراتيجي، على ضرورة إعادة تعريف دور المجتمع المدني كفاعل تنموي وبناء شراكات متوازنة بعيداً عن شروط التمويل المسيس.
فيما لفتت أليس كندي، ممثلة منتدى المنظمات غير الحكومية الدولية (JIF)، إلى الحاجة لتطوير قنوات التواصل مع الحكومات والمانحين لضمان استقلالية المنظمات.
أما الجلسة الثانية، تناولت استدامة المجتمع المدني وتعزيز استقلاليته في التمويل والتمثيل. والتي أدارها المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي داود كتاب
وأكد سفير الاتحاد الأوروبي في الأردن، بيير كريستوف تشاتزيسافاس، أن دعم الاتحاد يهدف إلى تمكين المنظمات دون فرض شروط سياسية، معلناً عن إطلاق مسارين جديدين للدعم.
وحذرت صبا المبسلط، المديرة الإقليمية لمؤسسة “فورد” الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، من تحول بعض المنظمات إلى مقدمي خدمات فقط، مما يفقدها دورها الحقوقي، فيما أشار علاء شلبي، رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان (مصر)، إلى تأثير العقوبات الأمريكية وتوجيه مليارات الدولارات دون إدارة عربية كاملة.
من ناحيته، كشف رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان (مصر)، علاء شلبي، عن تأثير العقوبات الأمريكية على المنظومة، مشيراً إلى توجيه 150 مليار دولار على المستوى العربي مؤخراً دون سيطرة عربية كاملة.
وفي الجلسة الختامية، ناقش المشاركون أثر التحولات السياسية العالمية على فضاء العمل المدني والحريات، وسبل تجديد أدوار المجتمع المدني والأحزاب والحركات النسوية في مواجهة التحديات الراهنة. و التي أدارتها الإعلامية أريج القاسم.
وأكد عضو مجلس الأعيان الدكتور مصطفى حمارنة أن المجتمع المدني شريك أساسي في العملية التنموية والسياسية، محذراً من تراجع دوره الوطني.
كما أوضحت الدكتورة سلمى النمس، الأمينة العامة السابقة للجنة الوطنية لشؤون المرأة، أن ضعف المجتمع المدني يعود جزئياً إلى غياب القاعدة الشعبية الداعمة، داعية إلى حوكمة رشيدة وبناء تحالفات مستدامة وعابرة للحدود.
وفي السياق ذاته، طالبت هديل عبد العزيز، المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية، بمنح المجتمع المدني حرية كاملة في عمله، محذّرة من أن بعض التشريعات الحالية تحد من دوره، ومؤكدة ضرورة رفض أي تدخل سياسي في التمويل أو برامجه.
وأوصى المشاركون في ختام الملتقى بضرورة تعزيز استقلالية المجتمع المدني وحمايته من التسييس وقيود التمويل، مؤكدين أهمية تنويع مصادر التمويل بالاعتماد على الدعم العمومي والذاتي لضمان الاستدامة المالية. كما شددوا على أهمية تعزيز الشفافية والمساءلة من خلال نشر الموازنات والإفصاح عن إدارة المنح والمشروعات.
واكدوا على توسيع مساحة عمل المجتمع المدني بشراكات محلية وإقليمية تشمل الشباب، النقابات، الأحزاب، والمشاركة النسوية، وإعادة تعريف دور المجتمع المدني ليكون فاعلاً تنمويًا وبناءً في تحسين السياسات وصياغة الأولويات الوطنية، بالإضافة الى بناء شراكات عادلة وفعّالة مع الحكومة والقطاع الخاص والشركاء الدوليين، لتمكين المجتمع المدني مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وضمان استمرارية العمل المدني في ظل الضغوط.
يذكر أن هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني “همم” هي تحالفٌ لمؤسسات المجتمع المدني الأردنية التي تتلاقى قيمياً في الرؤى والأهداف، وتلتقي بشكل دوري لتنسيق مواقفها وتحركاتها لإعلاء قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في المجتمع، ودفع دفة التنمية المستدامة إلى الأمام ورفع قدرات المؤسسات المدنية ودعمها، وتأسست في آذار 2015 من قبل 13 مؤسسة مجتمع مدني.
مصدر الخبر: “همم”: الدعوة إلى مجتمع مدني مستقل وشراكات مستدامة لمواجهة التحديات .