شهدت العاصمة الهولندية أمستردام، اليوم (الأحد)، مسيرة احتجاجية هائلة شارك فيها نحو 250 ألف شخص، وفقاً لتقديرات المنظمين والشرطة المحلية، مطالبين الحكومة الهولندية باتخاذ موقف أقوى ضد الحرب الإسرائيلية في غزة.
وأُطلق على المسيرة اسم «الخط الأحمر» (Red Line)، حيث ارتدى معظم المتظاهرين الملابس الحمراء رمزاً للحد الأخير الذي تجاوزته إسرائيل في حصارها للقطاع، وسط أمطار غزيرة لم تثنِ الآلاف من مختلف الأعمار عن المشاركة في مسيرة طولها 6 كيلومترات عبر شوارع العاصمة الهولندية.
سلسلة احتجاجات ضخمة
بدأت المسيرة من ساحة ميوزيوم بلين (Museumplein)، حيث أقامت برنامجاً فنياً وكلمات لناشطين، بما في ذلك الصحفية الغزاوية ريتا بارود، وسامح جابر من المجتمع الفلسطيني في هولندا، والوزيرة السابقة هيدي دأنكونا، ولويس دي كلاين من «أطباء من أجل غزة».
ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين، مرددين «حرة حرة فلسطين»، وحملوا لافتات تقول «عارٌ عليكِ يا إسرائيل!» و«لن نكون أحراراً حتى تحرر غزة».
ومن بين المشاركين عائلات مواطنين هولنديين كانوا على متن أسطول المساعدات «الصمود العالمي» الذي أوقفته إسرائيل الأسبوع الماضي. وقالت إميليا ريڤيرو (27 عاماً) من مدينة أوتريخت: «نحن هنا لإدانة كل ما يحدث في غزة. أشعر أن هذا أقل ما يمكننا فعله أمام هذه المجازر».
هذه المسيرة الثالثة في سلسلة «الخط الأحمر»، بعد احتجاجات ضخمة في لاهاي في مايو (100 ألف مشارك) ويونيو (150 ألفاً)، وهي الأكبر في هولندا منذ عقود.
ضغط على الحكومة
ونظمت المسيرة 134 منظمة، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، أوكسفام نوفيب، باكس، BDS هولندا، علماء هولنديون من أجل فلسطين، صوت يهودي آخر، إيرف راف، سيڤ ذا تشيلدرن، ومنتدى الحقوق.
وطالبت بـ«أقصى ضغط على جميع الأطراف لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة»، و«عقوبات سياسية واقتصادية ودبلوماسية فعالة ضد إسرائيل»، و«التعرف على إبادة جماعية في غزة وانتهاكات حقوق الإنسان».
وأكد المنظمون أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإنهاء الحرب لم تغير عزيمتهم، رغم أملهم في السلام، مشيرين إلى أنها «لا تلبي المتطلبات الأساسية للعدالة».
وأثرت المسيرة على حركة النقل، حيث أضافت شركة NS قطارات إضافية، وتعطلت الترامات جزئياً، مع تشغيل المترو بكثافة أعلى.
من الحذر إلى العقوبات
ومنذ مظاهرة مايو، غيرت الحكومة الهولندية، التي كانت حليفة تقليدية لإسرائيل، موقفها تدريجياً. في يوليو، فرضت حظراً على سفر وزيري اليمين المتطرف الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبيساليل سموتريتش، متهمة إياهما بـ«التحريض على العنف ضد الفلسطينيين، والدعوة لتطهير عرقي في غزة».
وفي الشهر الماضي، أعلنت خطة لحظر استيراد سلع من المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعمت تعليق الاتحاد الأوروبي إجراءات تجارية في اتفاقية الاتحاد مع إسرائيل.
وفي 3 أكتوبر، أمرت المحكمة العليا الهولندية الحكومة بمراجعة سياسة تصدير أجزاء طائرات F-35 إلى إسرائيل، بعد حكم سابق في فبراير 2024 بوقف التصدير بسبب «مخاطر واضحة لانتهاكات القانون الإنساني في غزة». وأكد وزير الخارجية ديفيد فان ويل أن التصدير «غير محتمل في الوضع الحالي»، مشيراً إلى أن هولندا ستقرر خلال 6 أسابيع.
تراجع دعم إسرائيل
مع ذلك، أدلى رئيس الوزراء المؤقت ديك شوف بتعليق يعترف بـ«غضب المتظاهرين وعجزهم»، داعياً إلى «إنهاء الوضع الإنساني الرهيب والحرب»، وتأكيد أهمية إدخال المساعدات، وإطلاق الرهائن.
وفي استطلاع Ipsos I&O لأبريل، انخفض دعم سياسة الحكومة الهولندية المؤيدة لإسرائيل إلى 15%، مع 54% يطالبون بنقد أقوى.