
رندا حتاملة
أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري علاء فاروق، أن الأردن، رغم ندرة موارده المائية، استطاع أن يحدث طفرة زراعية نوعية خلال السنوات الماضية بفضل إدارة ورؤية حكيمة تبنت مشروعا حقيقيا نحو الاستدامة الذكية والرقمنة الزراعية.
جاء ذلك في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) على هامش انطلاق فعاليات الحوار الإقليمي رفيع المستوى بعنوان “تمكين المرأة من خلال سياسات التمويل للنهوض بالزراعة الدائرية في المنطقة العربية”، الذي نظمته المنظمة العربية للتنمية الزراعية.
ونوّه فاروق إلى أن العلاقات المصرية الأردنية تمثل نموذجاً ملهماً للتعاون العربي الصادق، مؤكداً أن ما يجمع البلدين يتجاوز الاتفاقيات الرسمية إلى رؤية مشتركة لمستقبل عربي موحد قائم على الإنتاج والمعرفة والتكامل الزراعي.
وقال: “ما يجمعنا ليس حدودا أو مصالح عابرة، بل أرضا واحدة وزرعا واحدا، وإيمانا عميقا بأن الأمن الغذائي العربي هو قضية وجود، وأن الفلاح العربي هو خط الدفاع الأول عن استقرار أمتنا”.
وأضاف فاروق، إن الزراعة الأردنية في السنوات الأخيرة شهدت تحولاً نوعياً جعلها نموذجاً يحتذى به في إدارة الموارد واستدامتها، فقد استطاعت هذه الرؤية أن ترسّخ نهجاً متقدماً في التكيف مع التغيرات المناخية، من خلال تبنّي تقنيات حديثة وحلول ابتكارية عززت كفاءة الإنتاج الزراعي وأمنت استدامة المياه والطاقة والموارد الطبيعية؛ مما جعلها نموذجاً يحتذى في استدامة الموارد والتكيف مع التغيرات المناخية.
وأشار إلى أن التجربة الأردنية تمثل درساً عملياً في تحويل التحدي إلى فرصة، مشيداً بالقدرة الأردنية على إدارة الموارد المحدودة بكفاءة عالية، وبما يعزز مفاهيم الزراعة المستدامة في المنطقة العربية.
وتطرق إلى عمق الشراكة الأردنية المصرية في المجالات الزراعية، موضحاً أن أعمال اللجنة الفنية الزراعية المشتركة، التي اختُتمت في عمّان، مثّلت خطوة جديدة نحو تعزيز التعاون في إنتاج البذور وتقاوي المحاصيل الاستراتيجية، وتبادل الخبرات في مجالات الزراعة العضوية ومكافحة الآفات، وتنظيم برامج تدريبية متخصصة للكوادر الأردنية والمصرية في مجالات الري الذكي والتقنيات الحديثة.
وأكد أن هذه الجهود تأتي ضمن رؤية تكاملية عربية هدفها تحقيق أمن غذائي مستدام، لافتاً إلى أن المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية تعملان على إزالة العقبات أمام انسياب حركة التبادل التجاري الزراعي، ورفع كفاءته بما يخدم مصالح البلدين، ويمهد لبناء سوق غذائي عربي مشترك.
وحول الاستثمارات، رحّب الوزير المصري بالمستثمرين الأردنيين في القطاع الزراعي المصري، مشيراً إلى أن بلاده تقدّم جميع التسهيلات الممكنة والدعم الكامل لهم، وخاصة في مشروعات الاستصلاح الجديدة التي تشكل قاطرة التنمية الزراعية في مصر.
كما بيّن فاروق أن استصلاح الأراضي الصحراوية في الوطن العربي يحتاج إلى إرادة جماعية وتأسيس كيان عربي قوي يقوده الشباب، داعياً إلى تمكينهم وتزويدهم بالأدوات والتمويل والخبرة اللازمة، ليكونوا شركاء فاعلين في بناء مستقبل زراعي عربي مستدام.
وركز فاروق على محور تمكين المرأة الريفية، مؤكداً أن تمويل المرأة في الريف ليس دعماً اجتماعياً فحسب، بل استثمارا مباشرا في الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي، مبينا أن القيادة السياسية في مصر والأردن أولت هذا الملف اهتماماً كبيراً، فجعلت من المرأة شريكاً في صنع القرار ومكوّناً أساسياً في مسيرة التنمية.
وأوضح فاروق أن وزارة الزراعة المصرية جعلت تمكين المرأة الريفية أحد المحاور الرئيسة في الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030، مشيراً إلى أن الجهود تُنفذ عبر ثلاثة مسارات رئيسية: أولها دمج النوع الاجتماعي في السياسات الزراعية وبرامج التنمية الريفية لضمان تكافؤ الفرص في التمويل والدعم الفني، وثانيها تيسير الوصول إلى التمويل الأخضر والشمول المالي عبر مبادرات مثل “تحويشة” للادخار الرقمي، التي رفعت نسبة الشمول المالي للنساء من 17% عام 2016 إلى 68% عام 2024، وثالثها الربط بين التمويل والتمكين الإنتاجي عبر برامج تجمع بين التدريب والإنتاج، مثل مبادرة “بنت الريف” التي دربت آلاف السيدات والفتيات على التصنيع الغذائي والتسويق وإدارة المشروعات الصغيرة.
وأشار إلى أن تلك البرامج انعكست على أرض الواقع، حيث ارتفعت معدلات مشاركة المرأة الريفية في الأنشطة الإنتاجية وتحسنت مستويات الدخل بنسبة تجاوزت 20% في بعض القرى، لتتحول المرأة من عاملة هامشية إلى قائدة اقتصادية محلية ورائدة أعمال في مجال الزراعة الخضراء.
وحول تفتيت الحيازات، أوضح الوزير أن هذا الملف يحتاج إلى سياسات متوازنة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتحفيز الإنتاجية، بحيث يتم دعم المزارعين الصغار وتمكينهم من الاستفادة من التمويل والخبرة الفنية، مع الحفاظ على جدوى المشاريع الزراعية وعدم تشتيت الموارد.
ودعا الوزير إلى تعزيز التعاون العربي الزراعي وتبادل الخبرات في مجال التمويل الأخضر والتحول المستدام، مشدداً على أهمية تبني آليات تمويل مبتكرة تمكن المرأة والشباب من قيادة التغيير في الريف العربي.
–(بترا)
مصدر الخبر: وزير الزراعة المصري: الأردن أحدث طفرة زراعية في ظل ندرة المياه .



